الإمام ناصر محمد اليماني
28 - 10 - 1431 هـ
07 - 10 - 2010 مـ
09:59 مساءً
ـــــــــــــــــــ
فلا تقل يا فلان استغفر لي الله! ما لم تكن ارتكبت إثماً في حقّه، فإذا لم تكن ارتكبت في حقّه إثماً فلا علاقة له بطلب العفو والغفران..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين وآله الطيبين الطاهرين والتابعين للحقّ إلى يوم الدين..
إخواني الأنصار، قد اطّلعنا على حواركم فيما بينكم حول طلب الاستغفار من العبد ليغفر ويطلب لأخيه الغفران من الربّ، وإنما ذلك في حالة أنْ يأثم العبدُ في حقّ العبد ومن ثم يأتي العبدُ إلى أخيه العبدَ ليطلب منه العفو والغفران لكونه آثم في حقّه، ثم يتنازل العبد عن حقّه ويطلب له من ربهما الغفران، ومن ثم يقول العبد: "اللهم إني قد عفوت عن أخي لوجهك الكريم وأنت أكرم من عبدك فاغفر له ما فعله بي وأنت أرحم الراحمين" ، ثم يغفر الله له، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} صدق الله العظيم [التغابن:14].
كمثل أولاد يعقوب إذ ارتكبوا إثماً وأذًى في حقّ أبيهم الذي أمنّهم على أخيهم يوسف، ومن ثم ألقوا به في غياهب الجبِّ وآذوا أباهم أذًى عظيماً، وبعد أن حصحص الحقّ وأقرّوا بذنبهم ومن ثم {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ﴿٩٧﴾ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٩٨﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
وإنما يريدون أن يستغفر لهم ما فعلوه به لكونهم ارتكبوا في حقّه إثماً عظيماً حتى ابيضَّت عيناه من الحُزن، ولذلك قالوا:{قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ﴿٩٧﴾ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٩٨﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
وكذلك استغفار رسول الله يوسف لإخوته إذ أثمِوا في حقّه وحقِّ أخيه، وقال الله تعالى: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ﴿٨٩﴾ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٩٠﴾ قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴿٩١﴾ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿٩٢﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
وكذلك الذين يؤذون النبي ويقولون: هو أُذنٌ؛ بمعنى إنهم سوف يحلفون له أنهم ما قالوا فيه ولا في الرسالة التي جاء بها إلا خيراً فيصدقهم، وقال الله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [التوبة:61].
وقال الله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} صدق الله العظيم [التوبة:74]، ولن يغفر الله لهم حتى ولو استغفر لهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ما لم يستغفروا الله من خالص قلوبهم فيتوبوا إلى الله متاباً، وقال الله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} صدق الله العظيم [التوبة:80].
ولكنهم لو ندموا على ما اقترفوا في حقّ الله ورسوله لكونهم يؤذون الله ورسوله؛ فلو جاءوا إلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فاعترفوا بذنبهم وطلبوا منه أن يستغفر لهم ما قالوه فيه ظُلماً وزوراً، فسيستغفر لهم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ما فعلوا به من الأذى، وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿٦٤﴾} صدق الله العظيم [النساء].
بل يستغفرون الله وإنما يستغفر لهم الرسول في حقّه، ولذلك قال الله تعالى: {فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:64]؛ أي فاستغفر لهم الرسول في حقّه وذلك حين يُقترف الإثم في حقّ العبد فيُطلب منه أن يستغفر الله لهم فيما فعلوه به وذلك حتى يغفر الله لهم الإثم في حقّ عبده. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} صدق الله العظيم [التغابن:14].
وأما حين لا يكون لأخيه العبد أي علاقة بما اقترفه فعندما يطلب من العبد أن يسأل له من الله الغفران فذلك إشراك بالله، فلم يأمركم الله أن تتخذوا بينه وبينكم وسيطاً أحبتي في الله، فاحذروا الإشراك بالله، وقال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} صدق الله العظيم [غافر:60]، ولم يقُل الأنبياء لأقوامهم أن يطلبوا منهم أن يستغفروا الله لهم بل قالوا: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3)} [هود:3].
{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ (52)}[هود:52].
{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (61)} [هود:61].
{وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)} [هود:90].
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10)} [نوح:10].
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ (6)} [فصلت:6]
صــــدق الله العظيـم.
وقال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)} [المزمل].
وقال الله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3)} [النصر].
وقال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:33].
صـــــدق الله العظيـم.
فإذا اقترف العبد إثماً فلا يذهب لأحد العبيد ليطلب منه أن يسأل له من ربه الغفران فذلك شرك بالله؛ بل يستغفر ربه مُباشرةً من غير وسيط.
وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [آل عمران:135].
ولم يبتعث الله الأنبياء والمُرسلين والمهدي المنتظر ليأمروا الناس أن يتوسلوا بهم إلى ربهم ليغفر لهم ذنوبهم سُبحانه وتعالى عمَّا يشركون؛ بل ليدعوا الناس إلى ربهم أن يستغفروا الله مُباشرةً ويتوبوا إليه فيعبدونه وحده لا شريك له. فأعرض أكثرهم عن دعوة الحقّ من ربّهم فأقيمت الحُجة عليهم فعذبهم الله عذاباً عظيماً، وقال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ۛ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّـهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿٩﴾ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّـهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم].
وأمر الله رُسله أن يقولوا لعباده أنه قريب يجيب دعوتهم إذا دعوا ربهم مُخلصين لهُ الدين من غير شركٍ، وقال الله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:186].
ويا حبيبي في الله أبو بكر المغربي، ويا حبيبي في الله أبو محمد الكعبي، ويا أحبتي الأنصار جميعاً تذكروا قول الله تعالى:{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴿٥٤﴾ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ﴿٥٥﴾} [الكهف].
وقال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴿٥٥﴾ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّـهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٦﴾} [الأعراف].
وقال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186]
وقال الله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان:77].
وقال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60].
وقال الله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ} [غافر:14].
{{{{{{إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاء}}}}}}[إبراهيم:39].
فلا تقُل: يا فلان استغفر لي الله؛ ما لم تكن ارتكبت إثماً في حقه، فإذا لم تكن قد ارتكبت في حقّه إثماً فلا علاقة له بطلب العفو والغفران، ولا يجوز طلب العفو منه والغفران. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} صدق الله العظيم [الجن:18].
وقال الذين يدعون ربهم مُخلصين له الدين حين وجدوا ثواب ربهم يوم لقائه، وقالوا: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} صدق الله العظيم [الطور:28].
ويا أحبتي في الله، مَنْ الذي هو أرحم بكم من الله؟ فهل تعلمون ما سبب إشراك كثيرٍ من المؤمنين؟ هو عدم فهم آيات الله في طلب الاستغفار. ولذلك تجدونهم يتخذون قبور أنبيائهم والصالحين من عباده مساجداً فيدعون أنبياءهم والصالحين وهم في قبورهم أن يدعوا الله ليغفر لهم ذنوبهم! فأشركوا بالله ربهم أرحم الراحمين. وقال الله لهم يوم القيامة أن يدعوا رسل الله من دونه والصالحين من عباده، فهل يستجيبون لهم؟ وأراهم الله أنبياءه ورُسله والصالحين من عباده الذين كانوا يتوسلون إليهم أن يدعوا الله ليغفر لهم خطاياهم حتى إذا أراهم الله إياهم عرفوهم، وقال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (٨٦) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧)} صدق الله العظيم [النحل:87].
وقال الله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} صدق الله العظيم [يونس:18].
وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿٢٨﴾ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴿٢٩﴾ هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الحقّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [يونس].
وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَقولُ نَادُوا شُرَكائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فلمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} صدق الله العظيم [الكهف:52].
وقال الله تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} صدق الله العظيم [القصص:64].
بل تبرَّأ شُركاؤهم من دُعائهم من دون الله، وقالوا: {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿٢٨﴾ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [يونس].
فاتقوا الله أحبتي في الله فذلك هو سبب إشراك المؤمنين بربهم: التوسل بالدعاء إلى عبيده من دونه ليدعون لهم الله. ويا سُبحان الله العظيم!
وقال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴿٥٥﴾ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴿٥٦﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴿٥٨﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴿٥٤﴾ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ﴿٥٥﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار، ما كان للمهدي المنتظر أن يأمركم أن تدعونه من دون الله ليستغفر الله لكم فذلك شرك بالله إلا أن استغفر لكم من ذات نفسي من غير طلب للدعاء منكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُوَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُم} صدق الله العظيم [محمد:19].
فهل يصح أن نقول: يا ملائكة الرحمن المُقربين ادعوا الله أن يغفر لنا، ثم نقول: فإنه يجوز لنا هذا الدُعاء. تصديقاً لقول الله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الشورى:5].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} صدق الله العظيم [غافر:7].
ثم نقول الجواب: لا يجوز فذلك شرك بالله العظيم ولو يسمع ملائكة الرحمن أحداً يقول يا ملائكة الرحمن ادعوا الله ليغفر لنا لما دعوا الله ولقالوا: كيف نستغفر لمن أشرك بالله؟ فلن نغني عنك من الله شيئاً، ولكن ملائكة الرحمن يجوز لهم أن يدعوا ربهم من ذات أنفسهم أن يغفرَ للمؤمنين؛ بل لم يجرؤ ملائكة الرحمن أن يسألوا الله الغفران إلا للذين ينيبون إلى ربهم لا يشركون بالله شيئاً. ولذلك قالوا: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} صدق الله العظيم.
اللهم ثبت أبا محمد الكعبي وأبا بكر المُغربي وكافة أنصاري على الصراط المُستقيم، واغفر لهم إنك أنت الغفور الرحيم.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
الثلاثاء أبريل 23, 2024 10:30 am من طرف ابرار
» البَيَانُ المُختَصَرُ عَن آيةِ الرِّيحِ المُصفَرِّ مِن آياتِ اقتِرابِ كَوكَبِ العَذابِ سَقَر فِي مُحكَمِ الذِّكرِ (القُرآنِ العََظِيمِ) ..
الثلاثاء أبريل 23, 2024 10:28 am من طرف ابرار
» وُلِدَ هِلال شَوَّال مِن قَبْل الكُسوف الشَّمسيّ (28 - رمضان) واجتمَعت به الشَّمس وقَد هو هِلالًا ..
الثلاثاء أبريل 23, 2024 10:26 am من طرف ابرار
» لا يَقرأ هذا البَيان إلَّا إنسَانٌ يحتَرِم ما يُمليه عَليه عَقله ..
الثلاثاء أبريل 23, 2024 10:24 am من طرف ابرار
» وُلِدَ هِلال شَوَّال مِن قَبْل الكُسوف الشَّمسيّ (28 - رمضان) واجتمَعت به الشَّمس وقَد هو هِلالًا ..
الثلاثاء أبريل 16, 2024 2:53 pm من طرف ابرار
» وُلِدَ هِلال شَوَّال مِن قَبْل الكُسوف الشَّمسيّ (28 - رمضان) واجتمَعت به الشَّمس وقَد هو هِلالًا ..
الثلاثاء أبريل 16, 2024 2:53 pm من طرف ابرار
» استمر بالمناجاة حتى تشعر بأنّ الله قد رضيَ عنك وغفر لك ..
الثلاثاء أبريل 02, 2024 10:10 am من طرف ابرار
» لا يَقرأ هذا البَيان إلَّا إنسَانٌ يحتَرِم ما يُمليه عَليه عَقله ..
الأحد مارس 31, 2024 9:54 am من طرف ابرار
» كُوكَبُ سَقَر وصَل؛ آيةُ التَّصديقِ للمَهديّ المُنتَظَرِ نَاصِر مُحَمَّد اليَمانيّ .
الإثنين مارس 25, 2024 10:49 am من طرف ابرار
» كَوكَبُ سَقَر يَرفعُ حَرارةَ الأرضِ ويُخِلّ بنِظامِ كافَّةِ كَواكِبِ المَجموعَةِ الشَّمسيَّةِ وتُعاني مِن اقترابه، أفلا تَتَّقون؟!
الإثنين مارس 25, 2024 10:46 am من طرف ابرار