الإمام ناصر محمد اليماني
10 - 07 - 1428 هـ
25 - 07 - 2007 مـ
10:56 مساءً
ــــــــــــــــــ
فتوى المهديّ المنتظَر في رؤية الله جلَّ ثناؤه
بيانٌ هـــــــامٌّ وبُشرى للمـؤمنيـــــن ..
بسم الله الرحمن الرحيم، من المهديّ المنتظَر خليفة الله في الأرض إلى جميع المسلمين والناس أجمعين، والسلام على من اتَّبع الهادي إلى الصراط ـــــــــــــ المستقيم، وبعد..
يا معشر علماء المسلمين إني أحذّركم من عقيدة رؤية الله جهرةً، فلنحتكم إلى القرآن العظيم حتى أنقذكم من فتنة المسيح الدجال الشيطان الرجيم والذي يريد أن يقول أنّه المسيح عيسى ابن مريمَ وما كان ابن مريمَ بل هو كذابٌ لذلك يُسمَّى المسيح الكذاب، ولا أعلم بأنّه أعورُ ولا مكتوبٌ على جبينه كافرٌ؛ بل ذلك من مكر الذين تظاهروا بالإيمان بين يدي رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ليصدّوا عن سبيل الله، ألا ساء ما يفعلون! وقالوا إنّه أعورُ ومكتوبٌ على جبينه كافرٌ، وذلك لأنهم يعلمون بأنّكم لن تروا ذلك في وجه المسيح الكذاب، ولعلكم تُصدِّقون بأنّه الله ربّ العالمين سبحانه وتعالى علواً كبيراً، فهل تظنون يا معشر المسلمين بأنّ الله إنسانٌ؟ فلا تستطيعون التمييز بين الحقّ والباطل إلاّ أنّ المسيح الدجال أعورُ وربّكم ليس أعورَ! فأين ذهبت عقولكم؟ وقال الله تعالى: {{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} صدق الله العظيم [الشورى:11].
وأنا المهديّ المنتظَر أعترف بعقيدتين لدى الشيعة وهما (الحُكْمُ في عدم رؤية الله جهرةً، والحُكم في الرجعة لفريقٍ من الأموات)، وأخالفهم فيما لم يُنزِّل الله به من سُلطانٍ، وأحذِّر طائفةً منهم يُفسرون القرآن على حسب هواهم، وأحذِّر جميع المسلمين من تفسير كتاب الله بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، وذلك من عمل الشيطان وأمْرِهِ أنْ تقولوا على الله ما لا تعلمون حتى ولو كان تأويلاً لآيات الكتاب، وذلك لأنّ التأويل هو المعنى المقصود في نفس الله من كلامه، فإذا لم يكن تأويلك أيّها العالم حقًّا فقد قُلت على الله غير الحقّ وسوف يحاسبك الله على ذلك لأنك خالفت أمره. وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ ربّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحقّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
ومن ثم اتَّبعتَ أيها العالِم أمر الشيطان المُخالف لأمر الله. وقال الله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩)} صدق الله العظيم [البقرة].
فهل ترونني آتيكم بالتأويل لكلام الله من غير كلام الله؟ فما خطبكم لا تُصدِّقون؟ فهل جعلتم الفرق بين الله (الحقّ) والباطل فجعلتم التمييز بأنّ الدجال أعورُ والله ليس أعورَ؟ إذاً صدَّقتم بأن الله إنسانٌ وإنّما الفرق في نظركم أنّه ليس أعورَ والدجال أعورُ! فما خطبكم كيف تحكمون؟ ألم يكفِكم بأنّ الله ضرب لكم الحُكْمَ الحقّ في الجبل العظيم؟ فإذا لم يتحمّل الجبل رؤية الله وهو جبلٌ فكيف يتحمله الإنسان الضعيف؟ وخُلق الإنسان ضعيفاً.
فهذه عقيدةٌ باطلةٌ ما أنزل الله بها من سلطانٍ. وقال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ ربّه قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى ربّه لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:143].
أفلا ترون موسى حين أفاق ما كان قوله {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم، ومعنى قول موسى واضحٌ وبيِّنٌ، فقد نزّه ربَّه بأنه ليس كمثله شيءٌ يتحمل رؤيته فحتى الجبل العظيم لم يتحمل رؤية عظمة الله جهرةً، وذلك لأن الله أعظم سبحانه وتعالى علواً كبيراً، وقد جعل الله برهان عدم الرؤية في الجبل فإذا استقرَّ مكانه بعد أن يتجلّى الله له فهنا فيه أملٌ أن يرى الناسُ ربَّهم جهرةً. لذلك قال تعالى: {قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى ربّه لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}، فأدرك موسى مدى عظمة ربّه التي ليس لها حدودٌ. وقال: {قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}.
فتوبوا كما تاب موسى يا معشر المسلمين، وكُلٌّ منكم يقول كما قال موسى: {قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}، أيْ أوّل المؤمنين بأنّ الله يُدرك الأبصار ولا تُدركه الأبصار، ولا أنكر بأن الله يُكلِّم عباده ولكن من وراء حجابٍ وليس جهرةً يا معشر البشر. وقال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [الشورى:51].
فهل ترون بأنّ الله يُكلمكم يوم القيامة جهرةً؟ سبحانه! بل تشقَّق السماء بغمام الحجاب ونُزّل الملائكة تنزيلاً. وقال الله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُور} صدق الله العظيم [البقرة:٢١٠].
وأعلم بأن هناك من يريد الآن أن يقول لي: "مهلاً مهلاً، ألم يقل الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴿٢٢﴾ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [القيامة].
ومن ثم نردّ عليه ونقول: يا معشر المسلمين عليكم بتطبيق العقائد على الآيات المحكمات الواضحات البيِّنات لكل ذي لسانٍ عربيٍّ مبينٍ، أما إذا طبَّقتم الأحاديث على الآيات المتشابهة فسوف تقعون في الفتنة، فهل تكفرون ببعض القرآن وتؤمنون ببعض كما يفعل أهل الكتاب؟ وذلك بأنكم إذا قمتم بتطبيق الأحاديث مع الآيات المتشابهات فقد جعل الله لكم الآيات المحكمات لكم لبالمرصاد، ذلك بأنّه إذا رجعتم للمحكم سوف تجدونه قد اختلف مع الحديث ومع هذه الآية المتشابهة في ظاهرها مع حديث الفتنة، إذاً عليكم أن تتمسكوا بما جاء في الآيات المحكمات الواضحات البينات والتي جعلهنّ الله هنّ أمّ الكتاب من تمسك بهنّ استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها.
وأما الذين في قلوبهم زيغٌ فسوف يتبعون المُتشابه منهُ مع حديث الفتنة، وذلك لأنه يريد أن يثبت أن هذا الحديث ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعمد إلى المتشابه من القرآن في ظاهره مع هذا الحديث الموضوع بمكرٍ فجعله شياطين البشر يتشابه مع ظاهر آيةٍ لا تزال بحاجةٍ للراسخين في العلم يستنبطون تأويلها من القرآن العظيم، ولكنّ الذين في قلوبهم زيغٌ لا يريدون أن يفتروا على الله؛ بل يظنون بأن هذا الحديث قد جاء موافقاً لهذه الآية وليس الأهمّ عنده القرآن بل إثبات هذا الحديث فأصبح في قلبه زيغٌ عن القرآن المحكم حتى ولو كان يبتغي تأويل آياتٍ في القرآن، والتي لا تزال بحاجةٍ إلى تأويل، ولكن قلبه زاغ عن الآيات المحكمات الواضحات قد جعلهن واضحات بيِّنات لأنهنّ أمّ الكتاب وأصل هذا الدين الإسلاميّ الحنيف، وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كلّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} صدق الله العظيم [آل عمران:٧].
ولا يقصد من الذين يتبعون المتشابه أنّهم اليهود أو الكفار، ولكنّ الكفار كفارٌ بالقرآن فكيف يبحثون عن التأويل، وكذلك شياطين البشر من اليهود يعلمون أنّه الحقّ من ربّهم ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم؛ بل يَقصد طائفةً من علماء المسلمين، وأنهم يبتغون تأويل القرآن ولا يريدون أن يُأوّلوه خطأً بتعمدٍ منهم، ولكنهم مُصرّون على أن يثبتوا هذا الحديث أنه عن رسول الله وهم قد رأوه مخالفاً لآياتٍ محكماتٍ فتركوهنّ وعمدوا للمتشابه من القرآن مع حديث الفتنة وهو لا يعلم بأنه موضوعٌ فتنةً للمسلمين، والزيغ المذكور في الآية في قلب هؤلاء العلماء هو الزيغ عن المحكم الواضح والبين، وهم بهذا أنكروا المحكم واتَّبعوا المتشابه مع حديث الفتنة ولكنّ الرّاسخين في العلم يقولون: {يقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كلّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم.
ولكن المهديّ المنتظَر يعلم التأويل الحقّ للآيات المُتشابهات مما علمني ربي، وأقوم أولاً بتعريفٍ لهنّ:
هنّ الآيات ذات التشابه اللغويّ، ولكن تأويلهنّ مُختلفٌ عن ظاهرهن جملةً وتفصيلاً.
وحين يَمرّ القارئ على قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴿٢٢﴾ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴿٢٣﴾} فسوف يظنّ بأنّ هذه الآية مُحكمةٌ وواضحةٌ، ولكنّه إذا تدبّر القرآن سوف يجد ما ينفي ظنّه بالنفي القاطع {لَّا} نافية {لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام:103]، وكذلك النفي الأزليّ بأنّ الله لا يُكلم أحداً جهرةً. وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [الشورى:51].
وهنا عليه أن يتراجع عن ظنّه {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴿٢٢﴾ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿٢٣﴾}، فليست كظاهرها ثم يقول: "الله أعلم"، وعندها سوف يصطفيه الله فيجعله من الراسخين في العلم فيؤيده ببرهان الفرقان فهو نورٌ من ربّه فيعلم تأويل هذه الآية، وهل تدرون لماذا؟ ذلك لأنه اتقى الله وخاف أن يقول على الله غير الحقّ وقد وعدكم الله بنورٍ يؤيِّد به البصيرة لتفرِّقوا بين الحقّ والباطل. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّـهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} صدق الله العظيم [الأنفال:٢٩].
وذلك إذا رآه ربّه بأنه مُتألمٌ في نفسه يريد الحقَّ والله هو الحقُّ، وسوف يهديه إلى سبيل الحقِّ مادام يريد الحقَّ. وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} صدق الله العظيم [العنكبوت:٦٩].
ونعود لتأويل {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ} صدق الله العظيم [القيامة:٢٢]، ولا ينبغي لي أن أستنبط تأويل ذلك من غير القرآن العظيم، حتى لا تكون لكم عليّ الحجة بغير الحقّ، فأما الوجوه المقصودة في هذه الآية هي القلوب وهو الوجه الباطن للإنسان، وللإنسان وجهان: وجهٌ ظاهرٌ ووجهٌ باطنٌ وهو القلب، وكلاهما وجهٌ واحدٌ إذا اتفقا في القول، أما إذا قال بلسانه ما ليس في قلبه فصار (أبو وجهين)، وقد بيّن الله لكم في آياتٍ أخرى تتكلم عن وجوه القلوب. كمثال قول الله تعالى مُحذِّراً النصارى واليهود: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا} صدق الله العظيم [النساء:٤٧].
فأما الشطر الأول من الآية فموجَّهٌ للنصارى المؤمنين برسول الله المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام {يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا}، وذلك تهديدٌ للنصارى إذا استمروا في التفريق بين رسل ربّهم والمبالغة في دينهم فيقولون بأن الله هو المسيح عيسى ابن مريم، فإذا لم ينتهوا سوف يظهر الله ابن مريم فيدعوهم إلى الإسلام فيكفرون به ومن ثم يطمس الله على قلوبهم فيكفرون برسولهم المبعوث إليهم من قبل فينكرونه فيطمس الله على قلوبهم فيردّها على أدبارها فيتّبعون عدوّ الله وعدوّه المسيح الدجال والذي يقول أنه المسيح عيسى ابن مريم وأنه الله ربّ العالمين، وفتنهم الله بسبب مُبالغتهم في ابن مريم بغير الحقّ، فيكفرون بابن مريم الحقّ وهو يُكلّمهم ويدعوهم إلى الإسلام والقرآن فيكفرون به فيتّبعون خصمه المسيح الدجال بظنّهم أنّه هو المسيح عيسى ابن مريم لأنه جاء مؤيداً لعقيدتهم الباطلة، وقال أنّه المسيح عيسى ابن مريم وأنه الله ربّ العالمين وما كان لابن مريم أن يقول ذلك؛ بل هو (المسيح الكذاب الشيطان الرجيم)، وأما شياطين البشر من اليهود فسوف يكونون أوّل التابعين للمسيح الكذاب وهم يعلمون أنه المسيح الكذاب وأنه الشيطان الرجيم فيتّبعونه لذلك سوف يلعنهم كما لعن الذين من قبلهم، إلا أنه لن يمسخهم إلى قردة كما مسخ الذين من قبلهم وإنما هؤلاء يمسخهم إلى خنازير. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} صدق الله العظيم [المائدة:60].
فأما القردة فقد سبق مسخ الذين قبلهم. وقال الله تعالى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:٦٥].
وأما هؤلاء إن استمروا في كفرهم من بعد ما تبيّن لهم الحقّ فسوف يمسخهم إلى خنازير وقد أعذر من أنذر، ولكني أخشى على طائفةٍ من المسلمين أن يمسخ الله من يشاء منهم إلى خنازير وهم الذين يشكّون في شأني بأني قد أكون المهديّ المُنتظَر الحقّ بنسبة 99%، ورغم ذلك تأخذهم العزّة بالإثم فيتمسكون بأسطورة سرداب سامرّاء وهم يعلمون ما بأنفسهم، وقد أعذر من أنذر وأنا أُصدّقهم بعدم رؤية الله جهرةً وكذلك بالرجعة لطائفةٍ من الكفار لنهديهم صراطاً ـــــــــــ مستقيماً. تصديقاً لقول الله تعالى: {عَسَى ربّكم أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} صدق الله العظيم [الإسراء:٨].
ولكن للأسف، من الكفار من سوف يعودون لما نُهوا عنه ثم يهلكهم الله مرةً أخرى ثم يحييهم في البعث الشامل ثم يخاطبهم فيقول الله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:28].
ومن ثم بيَّن الله جوابهم في موضعٍ آخر. وقال الله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ﴿١١﴾ ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّـهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّـهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [غافر].
ولا أريد أن أطيل عليكم في براهين الرجعة فهي كثيرةٌ إلا أن تجادلوا فسوف أنزلها في موقعي تنزيلاً وألجم المجادلين إلجاماً وأقول: يا معشر المسلمين حذاري إنّ المسيح الدجال سوف يستغل الرجعة فيقول إن هذا ليوم الخلود وأنه هو الذي بعث الموتى؛ بل هو كذّابٌ أشِرٌ يريد أن يستغل البعث الأول ويقول هذا يوم الخلود ولدينا جنةٌ ولدينا نارٌ! فأما النار فهي نارٌ كما النار التي تورون يستطيع أن يصنعها أحدكم، وأما الجنة فهي جنة الله في الأرض توجد في الأرض المفروشة من تحت الثرى في باطن أرضكم والتي أَخرج منها المسيحُ الدجالُ أبويكم من قبل فلا يفتنكم كما أخرج أبويكم من الجنة.
وقد يودّ أحدكم أن يُقاطعني فيقول: "بل جعل الله آدم خليفة في جنة المأوى عند سدرة المُنتهى"، ومن ثم أرد عليه وأقول: بأنّ الله جعل آدم خليفة في الأرض وليس في جنة المأوى عند سدرة المنتهى. وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ ربّك لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30].
وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ ربّك لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴿٢٨﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿٢٩﴾ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴿٣٠﴾ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴿٣١﴾ قالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴿٣٢﴾ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴿٣٣﴾ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴿٣٤﴾ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ ﴿٣٥﴾ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿٣٦﴾ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿٣٧﴾ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴿٣٨﴾ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٣٩﴾ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴿٤٠﴾ قَالَ هَـٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴿٤١﴾ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿٤٢﴾ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٤٣﴾ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴿٤٤﴾} [الحجر].
ولكن الله أَنْظَرَ الشيطان الرجيم ولم يخرجه. وقال الله تعالى: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ} صدق الله العظيم [طه:١١٧].
ولو لم يُنظِره الله في الجنة وطرده إذاً كيف كلّم الشيطان آدم وحواء؟ وقال الله تعالى: {وقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف:٢٠].
وقد يودّ أحدكم أن يجادلني فيقول: قال الله تعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} صدق الله العظيم [البقرة:36].
فنقول إنما الهبوط هو من النعيم إلى الشقاء. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ} [طه:١١٧].
فأخرجكم إلى حيث أنتم الآن، فلا يفتنكم المسيح الدجال كما أخرج أبويكم من الجنة، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
وما بالي وكأني أراك في دهشةٍ واستغرابٍ يا ابن عمر بعد قراءة خطابي هذا والذي يحمل فتاوى الحقّ في مسائل عقائدية هامة جداً جداً وذلك لإفشال مكر جميع شياطين الجنّ والإنس وإنقاذ الأمّة من فتنة المسيح الدجال فهل هم مُسلمون.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخو أحباب الله وأوليائه الإمام ناصر محمد اليماني..
_______________
الخميس أكتوبر 31, 2024 3:54 pm من طرف ابرار
» نُكتَةٌ مُضحِكَةٌ ولَكِنَّها تشفِي قُلوبَ قَومٍ مُؤمنين ..
الإثنين أكتوبر 21, 2024 10:39 am من طرف ابرار
» تَعزيَةٌ في شَهيد الأُمَّة العربيَّة والإسلاميَّة؛ ضَيْفُ الله الواحِد القَهَّار (يحيى إبراهيم حسن السّنوار) الذي لحِقَ برَكبِ الشُّهداء الأبرار؛ أحياء عند رَبِّهم يُرزَقون ..
الأحد أكتوبر 20, 2024 5:10 pm من طرف ابرار
» إجابة السؤال
الأربعاء أكتوبر 09, 2024 7:58 pm من طرف ابرار
» أمْرٌ عَاجِلٌ إلى جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة ..
الإثنين أكتوبر 07, 2024 9:29 pm من طرف ابرار
» تَعزيةٌ لجيشِ المُؤمنينَ لتَحريرِ فِلَسطينَ ولكافّةِ الأمّةِ العَربيّةِ والإسلاميّةِ ..
الأحد سبتمبر 29, 2024 4:07 pm من طرف ابرار
» لا يجوزُ الجمعُ بين بنت أخِ الزوجة وعمتها كون الزوجة عمتها أخت أبيها، ولا بين بنت أخت الزوجة وخالتها أخت أمها، ومُحرَّم ذلك كحُرمةِ الجَمعِ بين الأختين..
السبت سبتمبر 21, 2024 9:48 pm من طرف ابرار
» تَسْجيلُ مُتابعةِ الحَدَثِ الأمنيّ الكَبير لِكَوكبِ الأرضِ في مَنطِقةِ القُطْبِ الجَنوبيّ ..
السبت سبتمبر 21, 2024 9:45 pm من طرف ابرار
» بَيان نَذير كَبير وتَحذير مِن شَرٍّ مُستَطيرٍ لِكافَّة البَشَر في البَوادي والحَضَر؛ قَد أعذر مَن أنذر، فَفِرّوا إلى الله الواحِد القَهَّار بالتَّوبة والإنابة، واصطَلِحوا مع الله قَبْل فَوات الأوان يا معشَر الإنْس والجَان .
الأحد سبتمبر 08, 2024 9:26 pm من طرف ابرار
» تَلبيةُ الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمَانيّ لِطَلَب الحِوار مع المُنكِر للقُرآن العَظيم الأستاذ علي البخيتي ..
الثلاثاء سبتمبر 03, 2024 6:52 pm من طرف ابرار