من طرف ابرار السبت فبراير 10, 2018 5:13 pm
إليكم الجواب على السؤال الأول وأهم الأسئلة أجمعين حول مواقيت الصلوات الخمس عمود الدين:
عليك أن تعلم أيها السائل بأن أمر الصلاة تلقّاه محمدٌ رسول الله مُباشرةً بالتكليم من وراء الحجاب ليلة الإسراء إلى المسجد الأقصى والمعراج إلى سدرة المُنتهى ليريه الله من آياته الكُبرى بعين اليقين بالعلم لا بالحُلم، وكذلك مرّ بأصحاب النّار الذين يدخلونها بغير حساب قبل يوم الحساب من شياطين الجنّ والإنس، وكذلك الذين تأخذهم العزة بالإثم بعد ما استيقنت الحقّ أنفسهم فأعرضوا عنه وهم يعلمون أنه الحقّ من ربّهم، أولئك يدخلون النّار بغير حساب قبل يوم الحساب، ويوم الحساب يُدخلون أشدّ العذاب.
وقد مرّ محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - بأصحاب النّار في طريقه ليلة الإسراء بجسده وروحه فشاهد أصحاب النّار بعين اليقين علماً وليس حُلماً بل أسري به بقدرة الله الواحد القهّار. تصديقاً لقول الله تعالى في كتابه القُرآن العظيم:
{ وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } صدق الله العظيم [المؤمنون:95]
وكان ذلك برغم المسافة العُظمى بين الثرى وسدرة المُنتهى والتي جعلها الله مُنتهى المعراج للمخلوق وما بعدها الخالق، وتلك الشجرة المُباركة لا شرقيّة ولا غربيّة نظراً لأنها تحيط بعرش الملكوت كُله شرقاً وغرباً، ولو كانت شرقيّة لعلمنا أنها صغيرة الحجم نظراً لتواجدها في مكان بناحية الشرق ولو كانت غربيّة لرأينا الأمر كذلك، وبرغم جهة المشارق وجهة المغارب فلو كانت صغيرة لكانت إما شرقيّة وإما غربيّة ولكنا وجدناها في القُرآن بأنها ليست شرقيّة وليست غربيّة، ومن ثم بحثنا عن هذه الشجرة المُباركة وعن سرها وموقعها فوجدناها هي العرش الأعظم والمُحيط بالسموات والأرض بل وتحيط بالجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض.
وقد يود سائل أن يقول: "إذا كانت الجنّة عرضها السموات والأرض فكم الطول؟" . ومن ثم نقول: ليس للكرة طول بل عرض، والكون كرة وتحيط به أربعة عشر كرة، وهُنّ السموات السبع والجنّة التي عرضها السموات والأرض، وكُل سماء أوسع حجماً من التي قبلها، بمعنى أن السماء الدُنيا هي أصغر السموات السبع وهي الطبق الأول، فتأتي من بعدها طبق السماء الثانية وهي الدور الثاني فتكون أكبر حجماً من الأولى، وكُل بناء سماء يحيط بالرقم الأدنى منه إلى أكبر السموات وهي الرقم سبعة أوسعهن حجماً وتحيط السماء السابعة بالسموات الست جميعاً وهي أوسعهن حجماً. وذلك معنى قوله تعالى:
{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } صدق الله العظيم [الذاريات:47]
بمعنى أن كُل سماء تحيط بالأدنى منها فالسماء الأولى تحيط بها السماء الثانية لأنها أوسع منها حجماً، وكلما ارتفعت في السموات تجد بناءهن أوسع فأوسع إلى السماء السابعة، ومن ثم يأتي من بعد ذلك كُرة الجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض إلى الأرض الأم مركز الانفجار الكوني، ومن ثم يأتي من بعد ذلك الشجرة المُباركة والتي تحيط بما خلق الله أجمعين ومنتهى ما خلقه الله ومنتهى حدود الملكوت الشامل فتحيط بما قد خلق وهي تُحيط بالخلائق وأعلى منها الخالق يغشى السدرة ما يغشى من نور وجهه تعالى، بل هي علم كبير يُعرف بها موقع الجنّة التي هي أقرب شيء إليها، وبما أننا نعلم بأن الجنّة عرضها كعرض السماء والأرض ولكنا نجد بأن سدرة المُنتهى أعظمُ حجماً من الجنّة التي تُحيط بالسموات والأرض، وقد وصف الله لكم حجمها في القُرآن العظيم لمن يتدبر ويتفكر وقال الله تعالى: { عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿15﴾ } صدق الله العظيم [النّجم]
فإن سألني أحدكم عن بيت فلان فقلت لهُ الجبل الفلاني عند بيت فلان الذي تسأل عنه لقاطعني قائلاً: "كيف تجعل الجبل وهو الأكبر علامة للبيت وهو الأصغر؟ بل قُل بيت فلان عند الجبل الفلاني" . فأقول له: صدقت وصدق الله العظيم { عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿15﴾ }، وذلك لأن السدرة أكبر حجماً من الجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض، أم تظنونها شجرة صغيرة؟ فكيف تكون الجنّة عندها وأنتم تعلمون بأن الجنّة عرضها السموات والأرض.. أفلا تتفكرون؟ بل هي من آيات ربه الكُبرى التي رآها محمد رسول الله في مُنتهى موقع المعراج، فتلقى الكلمات من ربه من ورائها. تصديقاً لقول الله تعالى:
{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } صدق الله العظيم [الشورى:51]
وهل تظنون الله كلم موسى تكليماً في البقعة المُباركة جهرةً؟ بل من الشجرة المباركة وقربه الله نجياً وموسى عليه الصلاة والسلام في الأرض. وقال الله تعالى:
{ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ ربّ العالمين ﴿30﴾ } صدق الله العظيم [القصص]
ولربّما يستغل الضالين هذه الآية فيؤولونها بالباطل، فأما قوله تعالى في شطر الآية الأول فيتكلم عن موقع موسى بأن موقعه في البقعة المُباركة من شاطئ الوادي الأيمن، وأما موقع الصوت فهو من الشجرة، لذلك قال الله تعالى بأنه كلم موسى من الشجرة، وقال سبحانه:
{ نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ ربّ العالمين }
وأما النّار فالحكمة منها إحضار موسى إلى البقعة المُباركة، وهي في الحقّيقة نور وليست نار، وإنما حسب ظن موسى بأنها نار، ولكنهُ حين جاءها فلم يجدها ناراً بل نور آتٍ من سدرة المُنتهى، ولكنه لم يرَ موسى بأن هذا الضوء آتٍ من السماء بل كان يراه جاثماً على الأرض فأدهش ذلك موسى عليه الصلاة والسلام، ومن ثم وضع رجله على ذلك الضوء الجاثم على الأرض فلم يشعر له بحرارة مُستغرباً من هذا الضوء الجاثم على الأرض، فإذا بالصوت يُرحب به من الشجرة سدرة المُنتهى:
{ نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ ربّ العالمين } صدق الله العظيم [النّمل:8]
فأما الذي بورك فهو موسى بعد دخوله دائرة النّور الذي ظنها ناراً، ومن ثم رأى بأن النّور في الحقّيقة مُنبعث من السماء فرفع رأسه ناظراً لنور ربه المُنبعث من سدرة المُنتهى، ومن ثم عرّف الله لموسى بأن هذا النّور مُنبعث من نور وجهه سُبحانه لذلك قال الله تعالى:
{ يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّـهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿9﴾ } صدق الله العظيم [النّمل]
وذلك لأن الله نور السموات والأرض ومن لم يجعل الله لهُ نوراً فما لهُ من نور، ولا يزال لدينا الكثير من البُرهان لتأويل الحقّ لهذه الآية والذي يريد أن يستغلها المسيح الدجال فترون ناراً سحرية لا أساس لها من الصحة، ثم ترونه إنساناً في وسطها فيكلمكم، وخسئ عدو الله ولأنه يقول بأنه أنزل هذا القُرآن سوف يعمد إلى هذه الآية وقد روّج لها أولياؤه تأويله بالباطل للتمهيد له، ولكنا نعلم بأن الله ليس كمثله شيء فلا يشبه الإنسان وليس كمثله شيء من خلقه في السموات ولا في الأرض، وهيهات هيهات لما يمكرون.. وليس الله هو النّور بل النّور ينبعث من وجهه تعالى علواً كبيراً. وقال سُبحانه وتعالى:
{ اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شرقيّة وَلَا غربيّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿35﴾ } صدق الله العظيم [النّور]
فلا تفكروا في ذاته، فكيف تتفكرون في شيء ليس كمثله شيء؟ وتعرَّفوا على عظمة الله من خلال آياته بين أيديكم ومن فوقكم ومن تحتكم، وتفكروا في خلق السموات والأرض ومن ثم لا تجدون في أنفسكم إلا التعظيم للخالق العظيم وأعينكم تسيل من الدمع مما عرفتم من عظمة الحقّ سُبحانه، ومن ثم تقولون ربنا ما خلقت هذا باطلا سُبحانك فقنا عذاب النّار..
وأجبرني على بيان ذلك بُرهان حقيقة المعراج لمحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من الثرى إلى سدرة المنتهى بالجسد والروح لكي يرى من آيات ربه الكُبرى بعين اليقين ثم يتلقى الوحي مُباشرة من ربّ العالمين في فرض الصلوات الخمس التي جعلهن الله الصلة بين العبد والمعبود من أقامهن أقام الدين ومن هدمهن هدم الدين، فانظروا لجواب أهل النّار على المؤمنين السائلين عن سبب دخولهم النّار:
{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿42﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿43﴾ } صدق الله العظيم [المدثر]
وقد يقول أحد المُسلمين من الذين لا يُصلون: "إنّما تخصّ هذه الآية الكفار"، ومن ثم نقول لهُ: إذا لم تُصلي فأنت منهم والعهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فإذا لم يسجد جبينك لربك فأنت متكبرٌ بغير الحقّ وعصيت أمر ربّك وأطعت أمر الشيطان في عدم السجود لله ربّ العالمين يوم يُدعون وأولياؤهم إلى السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يُدعون للسجود لله في الدنيا وهم سالمون.
وأما مواقيت الصلوات الخمس فقد جاء ذلك في القُرآن العظيم بأن ثلاثاً من الصلوات الخمس جعل الله ميقاتهن في زُلفة من الليل في أوله وآخره، ومعنى الزُلفة أي ميقات قريب من أول النّهار وآخره، وأما اثنتين فجعلهن الله في النّهار فيكونا في طرفي نهار العشي، ونهار العشي من الظُهر وينتهي بغروب الشمس ، وقال الله تعالى:
{ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴿31﴾ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴿32﴾ } صدق الله العظيم [ص]
فمن خلال هذه الآية نفهم بأن نهار العشي طرفه الأول حين تكون الشمس بمنتصف السماء، وطرفه الآخر عند الغروب فينتهي وقت صلاة العصر بتواري الشمس بالحجاب، فيدخل ميقات صلاة المغرب فيستمر إلى غسق الليل، فيدخل ميقات صلاة العشاء، وقال الله تعالى:
{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ } صدق الله العظيم [هود:114]
وأما { طَرَفَيِ النّهَارِ } فهو يتكلم عن نهار العشي وطَرفيه هما الظهر في طرف نهار العشي الأول فيكون عند وقت صلاة الظُهر والطرف الآخر في وقت صلاة العصر إلى الغروب وتواري الشمس بالحجاب، وأما { وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ } فقد بينا بأن الزُلفة أي الوقت القريب من النّهار سواء في قطعٍ من أول الليل وهو وقت صلاة المغرب والعشاء، أو قطعٍ من آخر الليل وهو وقت صلاة الفجر، ويمتد ميقاتها إلى لحظة طلوع الشمس.
ولربّما يودّ ابن عُمر أو غيره أن يقول: "مهلاً إنما يقصد طرفي النّهار أي الفجر والمغرب، فكيف تجعل طرف النّهار وسطه؟" . ومن ثم نقول له: اعلم بأن النّهار يتكون من نهار الغدو وهو من طلوع الشمس إلى المُنتصف والانكسار فيدخل نهار العشي، وأطراف نهار الغدو والعشي تحتويهما بالضبط صلاة الظهر. وقال الله تعالى:
{ فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آناء الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ ﴿130﴾ } صدق الله العظيم [طه]
. فأما قوله تعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ } وذلك ميقات التسبيح لله في صلاة الفجر، وينتهي ميقاتها بطلوع الشمس، وميقاتها من الدلوك إلى الشروق بطلوع الشمس.
. وأما قوله تعالى { وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } وذلك ميقات التسبيح لله في صلاة العصر، وينتهي ميقاتها بتواري الشمس وراء الحجاب.
. وأما قوله تعالى { وَمِنْ آناء الليل فَسَبِّحْ } وهو أوانه الأول، ويبتدئ من الشفق بعد الغروب إلى الغسق، وذلك ميقات صلاة المغرب والعشاء، وهُن قريبات من بعض فصلاة المغرب منذ أن تتوارى الشمس في الحجاب إلى إقبال الغسق فيدخل ميقات صلاة العشاء، وذلك هو آناء الليل، ويقصد أوانه الأول من الشفق إلى الغسق.
. وأما قوله تعالى { وَأَطْرَافَ النّهَارِ } وهو مُلتقى أطراف نهار الغدو ونهار العشي ومجمعهما في ميقات صلاة الظهر. ولا أظنّ أحداً الآن سوف يقاطعني ليقول: "بل معنى قوله وأطراف النّهار أي طرفه من الفجر وطرفه الآخر هو العصر" . فنقول: ولكنك كررت صلوات وأضعت أُخَر، فتدبر الآية جيداً تجد بأنه ذكر ميقات صلاة الفجر وكذلك ميقات صلاة العصر، فكيف تظن قوله وأطراف النّهار بأنه يقصد صلاة الفجر والعصر وهو قد ذكرهم بقوله تعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }؟ إذاً ليس لك إلا أن توقن بأنه حقاً ميقات صلاة الظهر يكون في مجمع أطراف النّهار، ومجمع أطراف نهار الغدوة ونهار الروحة يحتويهما وقت صلاة الظهر.
ومن ثم نأتيكم بآية من القرآن العظيم تؤكد ما سلف ذكره بأن الصلوات خمسٌ وليست ثلاثاً. وقال الله تعالى:
{ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴿17﴾ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴿18﴾ }
صدق الله العظيم [الروم]
وإلى التأويل المُطابق بالحقّ مع الآيات التي ذكرناها من قبل { فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ }، وإنما الحين هو الوقت المُحدد للتسبيح في الصلوات لذلك يقول {حِينَ}، وأماالتسبيح المطلق فهو في النّوافل والذكر وهي في أي وقت من الأوقات. كمثال قوله تعالى:
{ إِنَّ لَكَ فِي النّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ﴿7﴾ } صدق الله العظيم [المزمل]
وأما إذا تم التحديد بقوله {حِينَ} فذلك تحديد الوقت، وذلك الوقت قد أصبح معلوماً للتسبيح لله في الفرض. تصديقاً لقوله تعالى:
{ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ﴿103﴾ } صدق الله العظيم [النّساء]
يكون وقت صلاة مفروضة بلا شك أو ريب نظراً لتحديد وقت التسبيح، ويقصد بذلك التسبيح لله في صلاة مفروضة ألستم إذا ركعتم تُسبّحون وتحمدون وإذا سجدتم تُسبّحون وتحمدون؟ وقال الله تعالى:
{ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴿17﴾ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم
وإلى التأويل { فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ } وذلك تحديد الوقت للتسبيح من الشفق بعد غروب الشمس إلى الغسق وذلك هو حين تمسون، وهو أول الليل، ويقصد بذلك وقت صلاة المغرب من الشفق بعد غروب الشمس إلى الغسق وهو دخول ميقات صلاة العشاء، فذلك هو معنى القول { حِينَ تُمْسُونَ } وهو زلفاً من أول الليل، وذلك الذكر والتسبيح في صلاة المغرب والعشاء.
و أما قوله تعالى { وَحِينَ تُصْبِحُونَ } وذلك الوقت المعلوم للذكر والتسبيح في صلاة الفجر.
وأما قوله تعالى { وَعَشِيًّا } وذلك الوقت المعلوم لصلاة العصر، وجاء مُطابقاً لما سبق ذكره وبيانه وبرهانه في أول الخطاب هذا بأن العشي هو العصر.
و أما قوله تعالى { وَحِينَ تُظْهِرُونَ } وذلك هو الوقت المعلوم لصلاة الظهر.
ونأتي الآن لذكر الصلاة الوسطى ويقصد بأنها وسطى من ناحية وقتيّة ولا يقصد وسطى من ناحية عدديّة، وقال الله تعالى:
{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ } صدق الله العظيم [البقرة]
وهذا أمر إلهي بالحفاظ على الخمس صلوات وهنّ الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ومن ثم كرر التنويه بالحفاظ على الصلاة الوسطى نظراً لميقاتها الصعب، ومن ثم أمرنا أن نقوم فيها بدعاء القنوت لله ولا ندعو سواه ولا ندعو مع الله أحداً، وكذلك هذه الصلاة مشهودة من قبل المعقبات والدوريات الملائكية وتلك هي صلاة الفجر وصلاة الفجر هي الصلاة الوسطى ودخول ميقاتها هو الوحيد المعلوم في القُرآن بمنتهى الدقة للجاهل والعالم، وذلك في قوله تعالى:
{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } صدق الله العظيم [البقرة:187]
فميقاتها بالوسط بين الليل والنّهار وتلك لحظة الإمساك والأذان للفجر والإمساك معاً، ومن ثم يتمون الصيام إلى الليل وهو ميقات صلاة المغرب، ومن ثم يأتي ذكر الصلوات الخمس مع التنويه والتوضيح أيهم الصلاة الوسطى، وذلك في قوله تعالى:
{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم [الإسراء:78]
وهذه الآية تحتوي على الصلوات الخمس مع تكرار التنويه للحفاظ على الصلاة الوسطى مع التوضيح أيهم من الصلوات. وقال الله تعالى: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ }، فقد بيّن لنا أيهم بإشارة دعاء القنوت فيها وتلك هي الصلاة الوسطى، ومن ثم تأتي آية أخرى للتوضيح أكثر للصلاة الوسطى بعد أن ذكر الوقت الشامل للصلوات الخمس في قوله تعالى: { أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم، فهذه الآية ذكرت جميع الصلوات الخمس بدءاً من دلوك الشمس بالأرض من ناحية المشرق فتبيّن لنا الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الفجر، فهل كان ذلك إلا بسبب دلوك الشمس من المشرق؟ وذلك ميقات صلاة الفجر أول ما يقوم النّائم المصلي لأدائها، فيستمر في أداء الصلوات الخمس من أوّلهن عند دلوك الشمس، فيبين لنا دلوك الشمس ظهور الخيط الأبيض بالمشرق إلى غسق الليل وهي آخر الصلوات وتلك هي صلاة العشاء، ومن ثم يأتي التنويه للقيام والحفاظ على الصلاة الوسطى. وذلك قوله تعالى { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} صدق الله العظيم.
إذاً صلاة الفجر هي الصلاة الوسطى، تصديقاً لقول الله تعالى: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ ﴿1﴾ وَالنّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ ﴿2﴾ } صدق الله العظيم [الليل]
وذلك الليل يغشى النّهار من جهة الفجر فيكوّر الليل على النّهار من ميقات صلاة الفجر يولج الليل في النّهار يطلبه حثيثاً. إذاً أقسم الله بوقت واحدٍ وهو ميقات صلاة الفجر. وكذلك قول الله تعالى:
{ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿17﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم [التكوير]
وكذلك أقسم بوقت صلاة الفجر فمعنى قوله عسعس أي أدبر وانجلى وتنفس الصُبح. ولربّما يريد أحدكم أن يُجادلني فيقول: "بل أقسم بوقتين وهما المغرب بقوله عسعس والفجر بقوله تنفس". ومن ثمّ أردّ عليه فأقول: ولكني لا أفسر القرآن بالظنّ مثلك بل أقول إنهُ أقسم في هذه الآية بوقتٍ واحدٍ وهو وقت صلاة الفجر، وتعال لأعلمك بالبرهان الأوضح لهذه الآية وقال الله تعالى:
{ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ﴿33﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ﴿34﴾ } صدق الله العظيم [المدثر]
فهل ترى البيان واضحاً وجليّاً بأنهُ وقتٌ واحدٌ وليس وقتين؟ والليل إذا أدبر أي ولَّى والصبح إذا أسفر أي ظهر، وجاء هذا القسم ليُبين قسماً آخر وهو { وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿17﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم.
وقد علمناكم بأن معنى عسعس أي أدبر، والصبح إذا تنفس أي ظهر، وتلك هي الصلاة الوسطى لو كُنتم تعلمون؟ وهي صلاة الفجر، ولكنكم حسبتموها من ناحية عدديّة بأنّها العصر والقرآن حسبها من ناحية وقتيّة بأنها الفجر، وذلك لأن ميقاته يكون في الخيط الأبيض، والخيط الأبيض هو خط وسط بين الليل والنّهار، وذلك لأن ظهوره عند تنفس النّهار وإدبار الليل فهو في الوسط لذلك يسميه القُرآن الصلاة الوسطى، ولو كنتم تخشون أن تقولوا على الله ما لا تعلمون لرجعتم إلى القرآن ولن يترك الله لكم الحجّة فسوف تجدون القرآن يوضحها لكم في موقع آخر في نفس الموضوع، فقد ذكر الصلاة الوسطى في آيةٍ مُبهمةٍ فيها الصلاة الوسطى، ولكنهُ جعل لها إشارة بأنها تلك الصلاة التي علمكم رسول الله أن تقنتوا فيها نظراً لأنها في أول النّهار وقبل بدء النّشور في الأعمال، وأن عليكم أن تقوموا فيها لله قانتين بالدعاء بعد الركوع الأخير وقال الله تعالى:
{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ } صدق الله العظيم [البقرة]
ومن ثم بيّنها الله لكم في آية أخرى وأنها التي يُجهر فيها بالقرآن. وقال الله تعالى:
{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم [الإسراء:78]
فتَلقَّيتُم نفسَ الأمرِ في قوله تعالى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ }، بمعنى أن تحافظوا على الصلوات الخمس ثم نوَّه على الحفاظ على الصلاة الوسطى نظراً لأنها في ميقات صعب طرف السُبات الأخير عند بزوغ الفجر يؤذن المؤذن وعندها تمسكون عن الطعام وعن الشراب في شهر رمضان، ولكن للأسف جعلوا الدلوك هو الاختفاء وكأن صلاة المغرب هي الأولى، بل الدلوك هو اقتراب النّهار، ويتبين لك ظهوره بخيطه الأبيض إلى جانب الأرض من الشرق. فهل أنتم مؤمنون ومتبعون الهادي إلى الصراط المُستقيم؟
ونأتي الآن لنفي عذاب القبر في حُفرة السوءة، فهلمّوا يا معشر علماء السُّنة أشد النّاس عقيدةً بأنّ العذاب من بعد الموت يكون في القبر، وبهذه العقيدة أنكروا حقيقة الإسراء والمعراج، وذلك لأنّ محمداً رسول الله وجد الكفار المجرمين في نار جهنم يتعذبون جميعاً وليسوا أشتاتاً في قبورهم، وكذلك جعلتم للكفار عليكم سلطاناً بهذه العقيدة التي ما أنزل الله بها من سلطان بأن العذاب من بعد الموت في القبر حُفرة السوءة، فهلمّوا لننظر الفتوى الحقّ من القرآن العظيم ..
______________________
المهديّ المُنتظر يُعلن بنتيجة النّصر من قبل الحوار لأنّ معلِّمي الواحد القهّار..
(بسم الله الرحمن الرحيم)
من المهديّ المُنتظر من أهل البيت المُطهّر خليفة الله في الأرض الإمام ناصر مُحمد اليماني إلى جميع علماء المُسلمين على مختلف مذاهبهم وفرقهم وطوائفهم أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. ثمّ أما بعد..
يا معشر علماء الأمّة إني أُشهد الله وملائكته وجميع الصالحين من جِنِّهِ وإنْسه وكلّ ما يدبُّ في الأرض أو يطير بجناحيه من أُممٍ أمثالكم ثمّ إلى ربّهم يُحشرون بأني أتحداكم أجمعين بالحقّ وليس تحدي الغرور للنزول إلى ميدان المُبارزة بالحوار بالعلم والمنطق، والقرآنُ العظيمُ في يميني وسنةُ مُحمد رسول الله الحقّ في يساري، بالرجوع إلى الحقّ إن كنتم تؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر.
ولربّما يلومني أحدكم فيقول: "كيف تُعلن بنتيجة النّصر مُقدماً من قبل الحوار ولا يزال ذلك في علم الغيب ولربّما يُلجمك علماء الأمّة ويخرسون لسانك بالحقّ فما يُدريك بأنك من سوف تُلجمهم وتنتصر عليهم فتكون حُجتك هي الداحضة ؟". ومن ثمّ نردّ عليه ونقول: إن الرجُل الصالح حين جاء إليه كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام وقال لهُ هل أتّبعك على أن تُعلّمني مما عُلّمت رُشداً؟ وقال له الرجُل الصالح:
{ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا } صدق الله العظيم [الكهف:67]
ومن ثمّ ردّ عليه رسول الله وكليمه مُوسى وقال: { سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا } صدق الله العظيم [الكهف:69]
ومن ثمّ انظروا إلى النتيجة الحقّ التي أعلنها الرجُل الصالح قبل بدء الرحلة هل تحققت؟ ونقول بلى كان قوله حقًّا تحقق، ولم نجد رسول الله وكليمه مُوسى عليه الصلاة والسلام صبر حتى على واحدةٍ! وكلما أخلَّ الشرطَ المُتفقَ عليه مُوسى قال له الرجُل الصالح: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا؟ ومن ثمّ حكم مُوسى على نفسه بعد قتل الغلام وقال:
{ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا } صدق الله العظيم [الكهف:76]
ولكن موسى سأله عن فعلٍ أدنى من ذلك بكثير ليس إلّا مُجرد بناء ولم يستطِع الصبرَ، ثمّ قال الرجُل الصالح:
{ قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴿78﴾ } صدق الله العظيم [الكهف]
وبعد أن أخبره بالتأويل للأفعال التي لم يستطِع عليها صبراً والحكمة من ذلك قال الرجُل الصالح:
{ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا } صدق الله العظيم [الكهف]
وكذلك المهديّ المُنتظر لم يقل هذه النتيجة عن أمره من ذات نفسه، بل بإلهامٍ من مُعلمي الله الواحد القهّار، فإن تبيّن للمُسلمين بأني ألجمت عُلماءهم بالحقّ إلجاماً وانتصرت عليهم بالحوار بالمنطق الحقّ وأخرست ألسنتهم فلم يجد الذين لا تأخذهم العزّة بالإثم في أنفسهم حرجاً مما قضيت بالحكم الحقّ ويُسلّموا تسليماً فقد تبيّن لجميع المُسلمين بأني حقاً المهديّ المُنتظر خليفة الله على البشر وأنّ مُعلّمي حقاً الحقُّ الله الواحد القهّار.
وإن ألجمني علماء الأمّة فقد أصبحت من المهديين الضالّين بوسوسة الشيطان الرجيم وما كان وحي تفهيم من الحيّ القيوم، فلتكونوا يا معشر المُسلمين على ذلك من الشاهدين، فلنبدأ الحوار بإذن الله الواحد القهّار وتوكلت على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيءٍ قدراً. ربِّ زدني علماً إنك أنت السميعُ العليم إنك قُلت وقولك الحقّ:
{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بالحقّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴿33﴾ } صدق الله العظيم [الفرقان]
وإلى طاولة الحوار وقد أفلح اليوم من استعلى بالحقّ بالقول الحقّ والسُلطان المُبين من القُرآن.
يا معشر علماء الأمّة إني أنا المهديّ المُنتظر الحقّ حقيقٌ لا أقول على الله إلّا الحقَّ من الذكر الحقِّ لمن شاء منكم أن يستقيم فأهدِيَه إلى الصراط المُستقيم بالقرآن العظيم والذي أمرني ربّي أن أستمسك به كما أمر اللهُ جدي مُحمداً رسول الله ومن معه بالاستمساك بالقرآن العظيم وأنه حجّة الله على رسوله وعلى المؤمنين وسوف يُسألون. وقال الله تعالى:
{ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿43﴾ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿44﴾ } صدق الله العظيم [الزخرف]
ويا معشر علماء الأمّة لقد اتبعتم أحاديث فريقٍ من الذين أوتوا الكتاب من الصحابة ظاهر الأمر فردّوكم بعد إيمانكم كافرين، وأخرجوكم عن الصراط المُستقيم وأنتم لا تعلمون بأن عقيدتكم قد أصبحت عقيدةً في الباطل وأنّكم قد كفرتم بعقائد أُمّ الكتاب في القرآن العظيم، ولو لم تزالوا على الهُدى لما جاء قدر عصري وظهوري لأهديكم والمُسلمين والنّاس أجمعين إلى صراط العزيز الحميد، ولم يبقَ من القرآن إلّا رسمه بين أيديكم ومن الإسلام إلّا اسمه ليس إلّا كجنسيةٍ تنتمون إليها إلّا من رحم ربّي، وركنتم إلى الدُنيا وأصابكم الوهن فأحببتم القصور ونسيتم القبور، وألهتكم الدنيا عن الآخرة فأحببتم الحياة وكرهتم الموت، وليس ذلك فحسب بل لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المُنكر، وليس ذلك فحسب بل ترون الحقّ باطلاً والباطل حقاً، وذلك حال الأمّة فأصبحتم أذلةً في الأرض، وتداعت عليكم أُمم الكُفر كافة فلم تُقاتلوهم كافةً كما أمركم ربّكم إن قاتلوكم، وقال الله تعالى:
{ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } صدق الله العظيم [التوبة:36]
وأنا المهديّ المُنتظر أُفتي وأحرّم على المُسلمين أن يقتلوا كافراً لم يُقاتلهم ولم يصُدَّ دعوتهم ولو لم يؤمن بها، فلا إكراه في الدّين أأنتم تكرهون النّاس حتى يكونوا مؤمنين؟ ومن قتل كافراً بحجّة أنه كافر فكأنما قتل النّاس جميعاً، سيئة ذلك في الكتاب عند ربّ العالمين، ومن قتل كفاراً لم يُقاتلوه فقد اعتدى على حدود الله.
وقال الله تعالى: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴿190﴾ } صدق الله العظيم [البقرة]
ويا معشر المُجاهدين إنما ابتعث الله مُحمداً رسول - الله صلّى الله عليه وآله وسلّم - رحمةً للعالمين فكونوا دُعاةً على بصيرةٍ من ربّكم في العالمين، ومن تصدّى لدعوتكم ومنعكم فهنا وجب عليكم قتاله بكل ما أوتيتم من قوة، ولا تقاتلوا من لم يُقاتلوكم في الدّين من الكافرين، وأقسطوا إليهم وعاملوهم معاملةً حسنة، وابتسموا لهم وقولوا لهم قولاً كريماً وجادلوهم بالتي هي أحسن واعفوا عنهم واصفحوا ولا تحقدوا عليهم لأنهم كافرون. كلا ثمّ كلا إن الله لم ينهَكُم عنهم في القرآن العظيم ما داموا لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم، بل أمركم الله أن تبرُّوهم وتقسطوا إليهم وإن كانوا كافرين، وقال الله تعالى:
{ لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿8﴾ } صدق الله العظيم [الممتحنة]
ولكن المهديّ المُنتظر يُحذّر قادة المُسلمين وجميع المُسلمين عن موالاة الذين يقاتلونكم في الدّين بحجّة الإرهاب ويخرجونكم من دياركم أو يُظاهرون فيعاونون على إخراجكم، فإنه مُحرمٌ عليكم موالاتهم ودعم اقتصادهم بالشراء منهم أو البيع لهم، فإنه محرمٌ عليكم إن كنتم مؤمنين، وإن خفتم عِيلةً يغنيكم الله من فضله إن الله لا يُخلف الميعاد.فلا تقبلوا لهم سفاراتٍ ولا علاقاتٍ ما داموا يُقاتلون إخوانكم المُسلمين ويخرجونهم من ديارهم أو يُظاهرون فيناصرون على إخراجهم بالسلاح أو بالمال وغيره نصرةً للمُعتدين فإنه محرمٌ عليكم التعامل معهم حتى يكُفُّوا عن الاعتداء على المُسلمين، ومن يتولّهم منكم فإنه منهم، تصديقاً لقول الله تعالى:
{ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدّين وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿9﴾ }
صدق الله العظيم [الممتحنة]
ويا معشر المُسلمين إنما جعلني الله لكم إماماً لأهديكم صراطاً مُستقيماً، وقائداً حكيماً لتصحيح عقائدكم التي أفسدها المُفترون على الله ورسوله.
وأنا المهديّ المُنتظر أكفر بأنه يوجد هناك عذاب في القبر، وحفرةُ السوءة لستر جثمان الميت ليس إلّا سُنة غراب بأمرٍ من الله ليُري القاتل من أبناء آدم كيف يواري سوءة أخيه، فيسترها في حفرة في التراب حتى لا تنهشها الكلاب والذئاب. ولكن الأحاديث المُفتراة جعلت من ذلك أسطورة لا لها أول ولا آخر، وأن القبر يحترق ويضيق حتى يُحطّم أضلاع المُسيء! وذلك حتى يشككَ الباحثون عن الحقيقة في صدق عقيدة المُسلمين في شأن عذاب القبر، ثمّ لا يجدوا ما يعتقده المُسلمون، ثم يقولوا: "إن المُسلمين على ضلالٍ فلم نجد في قبور كفارٍ نعلم بأنهم غير مُسلمين فبحثنا عنهم بعد حين ثمّ وجدنا الجثة لم تتحرك عن الوضع الذي تركناها عليه شيئاً، ولو عادت الروح إليه ولو برهة لغيّر الميت وضعه من شدة العذاب! وكذلك لم نجد النّار قد اشتعلت في قبورهم، وكذلك لم نجد القبر ضاق عليهم حتى حطم أضلاعهم، بل وجدنا الجثة تحللت فأكلها الدود وعادت تراباً، والهيكل العظمي كالوضع الذي تركنا الجثة عليه ولم نجد أضلاعه قد تحطمت شيئاً بل قائمة عارية من اللحم.
ثُمّ يزداد الباحثون كفراً بالإسلام وبما جاء به مُحمد رسول - الله صلّى الله عليه وآله وسلّم - وذلك هو ما يريده المفترون على الله ورسوله في شأن عذاب القبر.
وأنا المهديّ المُنتظر أُفتي من القرآن العظيم فأُنكر بأنّ العذاب البرزخيّ في حفرة السوءة، بل العذاب البرزخيّ على الروح التي لا تحيطون بعلمها ولا تستطيعون إرجاعها إلى جسدها: {الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:85] أي قدرة ربّي كُن فيكون.
فهل تظنّون الروح التي هي من قدرة ربّي لا تستطيع أن تحيا إلّا بجسدها؟ كلا ثمّ كلا، فإن الروح لا تموت بفراق الجسد بل يموت الجسد بفراقها، بل هي التي تجعل الجسد حياً، وهي من قدرة الله كُن فيكون، فكيف لقدرة الله أن لا تستطيع الحياة إلّا بالجسد؟ بل لا تحتاج للجسد بل الجسد هو المُحتاج إليها، فلا يكون حياً إلّا بوجودها فيه وإذا غادرته فارق الحياة.
والحياة هي الروح، وأنت بالروح لا بالجسم إنسانٌ، بل هي المالكة لجميع الحواس الخمس فتجعله يرى ويتكلم ويتحرك ويتألم ويشم ويطعم ويفرح ويبكي ويحب ويكره، فإذا غادرت الجسد يموت الجسد بفراقها وهي لا تموت، فإمّا في الجّنة والنّعيم وإمّا في العذاب والجحيم، وإمّا أن تكون من الأرواح المُنظَرة عند بارئها من الكفار الذين ماتوا من القرى قبل مبعث الرُسل إليها فلا يكونوا في نعيمٍ ولا يكونوا في جحيمٍ. تصديقاً لقوله تعالى:
{ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا } صدق الله العظيم [الإسراء:15]
أولئك لا يعلمون بأن الله يبعث الموتى حتى إذا بعثهم الله من مراقد سوآتهم فيقولون: { يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } صدق الله العظيم [يس:52]
ثُمّ يفتيهم المنذرون من قبل: { هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } صدق الله العظيم [يس:52]
وقال تعالى:
{ وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿52﴾ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ۚ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحقّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نردّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿53﴾ }
صدق الله العظيم [الأعراف]
أولئك الكفار الذين ماتوا من القرى قبل مبعث الرُسل إليهم هم أصحاب الأعراف، ولهم حجّة على ربّهم لأنهم ماتوا قبل مبعث الرُسل إليهم، وقال الله تعالى:
{ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حجّة بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿165﴾ } صدق الله العظيم [النساء]
فهم ليسوا في عذاب في الحياة البرزخيّة ولا في النّعيم، وكذلك يوم القيامة ليسوا في الجّنة وليسوا في النّار، بل على الأعراف منتظرين لرحمة ربّهم ويطمعون أن يدخلهم جنّته برحمته، ولا يجعلهم مع أصحاب الجحيم. وكلّمهم الله بوحي التّفهيم أن يسألوه برحمته أن يدخلهم جنّته وأن لا يجعلهم مع أصحاب الجحيم. وقال الله تعالى:
{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجّنة أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴿46﴾ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النّار قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿47﴾ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴿48﴾ أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ }
صدق الله العظيم [الأعراف:46-49]
ويقصدون أهل الجّنة بقولهم: { أَهَٰؤُلَاءِ } يا معشر الكفار الذين أقسمتم لم ينالهم الله برحمته؟ ثُمّ يستجيب ربّهم لدعوتهم برحمته فيناديهم من وراء الحجاب فيُكلِّمهم تكليماً فيقول لأهل الأعراف أرحم الراحمين: { ادْخُلُوا الجّنة لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } صدق الله العظيم [الأعراف:49]
وبالنسبة للأرواح فمنها ما هو معذَّبٌ ومنها ما هو منعَّمٌ ومكرَّمٌ وأولئك هم المُقربون الذين يدخلون الجّنة بغير حساب قبل يوم الحساب، وأمّا الأرواح الخبيثة فتلك عالم شياطين الجنّ والإنس يدخلون النّار بغير حساب من قبل يوم الحساب.
وبالنسبة للمُقربين فهم قد أصبحوا ملائكةً من البشر أحياء عند ربّهم يُرزقون. وأما أصحاب اليمين فسلامٌ لك من أصحاب اليمين. ولكنهم لا يدخلون الجّنة قبل يوم الحساب، ويُسمَّون أصحاب اليمين وذلك لأنها سوف تُعطى لهم كتبٌ بأيمانهم. ويوجد هُناك كفار كذلك لا يدخلون النّار قبل يوم الحساب، بل يؤخّر دخولهم حتى يتسلموا كتبهم بشمائلهم ولذلك يُسَمَّون أصحاب الشمال، وهؤلاء كانوا ضالين، أي ضلّ سعيهم في الحياة الدُنيا وهم يحسبون أنهم مُهتدون ولم يكونوا يعلمون أنهم على ضلالٍ مُبين. فهؤلاء لم يكن الله غاضباً عليهم إلّا أنه ليس راضياً عليهم، لأنهم ضلّوا عن الصراط المُستقيم.
وأمّا غضبُ الله وسخطه فهو على طائفةٍ لم يكونوا من الضالين الذين ضلّ سعيهم في الحياة وهم يحسبون أنّهم مهتدون، بل إذا رأوا سبيل الحقّ لا يتخذونه سبيلاً لأنهم يعلمون أنه سبيل الحقّ وهم للحقّ كارهون، وإذا رأوا سبيل الباطل يتخذونه سبيلاً لأنهم يعلمون أنه سبيل الضلال، فيضلون وهم يعلمون أنهم في طريق الضلال المُبين، وينقمون ممن آمن بالله واتّبع رُسله ولم يشرك بالله شيئاً فيتخذونه لهم عدواً مُبيناً لأنه وحَّدَ الله ربّ العالمين ولم يُشرك به شيئاً، فهذا لا يحبونه ويكيدون له لو استطاعوا وعليه ينقمون وعليه يألمون. ومن رأوه أشرك بالله فهو ينال رضاهم، ويحكم الله بيننا وبينهم. وقال الله تعالى:
{ ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴿12﴾ } صدق الله العظيم [غافر]
وأولئك هم المغضوب عليهم يعبدون الشيطان الرجيم لأنهم يعلمون أنهُ عدوٌّ لله ربّ العالمين وأنّه الطاغوت فيتخذون هاروت وقبيله ماروت أولياء من دون الله ومثلهم:
{ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } صدق الله العظيم [العنكبوت:41]
ولن يغنوا عنهم من الله شيئاً كما لم يغني بيت العنكبوت من البرد ولا من الحر فهو أوهن البيوت وإنّما هو شبكةٌ لصيد رزق العنكبوت. ولكن لو كان أحدهم تشبث ببيت العنكبوت فهل يُغنيه عن البرد أو يقيه من الحرّ أو يمسكه من الوقوع؟ وذلك نتيجة الذين اتّخذوا من دون الله أولياء فلن يغنوا عنهم من الله شيئاً، أولئك من أشدّ الكفار على الرحمن عتياً، ونعلم أنّهم أولى بنار جهنّم صلياَ، وذلك لأنهم مؤمنون بالله ربّ العالمين ثمّ يكفرون به لأنهم يعلمون أنه الحقّ وهم للحقّ كارهون، فلا يتخذون إليه سبيلاً ويتخذون من افترى على الله خليلاً. أولئك ملعونين أينما ثُقفوا أخذوا وقُتّلوا تقتيلاً، سُنة الله في الذين خلوا أمثالهم ولن تجد لسنة الله تبديلاً. أولئك جاءت طائفةٌ منهم إلى محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وقالوا نشهد أن لا إله إلّا الله ونشهدُ أنّ مُحمداً رسول الله كذباً ليس إلّا ظاهر الأمر وهم يبطنون الكُفر وهم يعلمون بأنّ الله حقّ ورسوله حقّ فاتخذوا أيمانهم جُنّةً ليكونوا من رواة الحديث، فصدّوكم عن سبيل الله يا معشر المُسلمين وافتروا على الله ورسوله بأحاديث تخالف هذا القرآن جملةً وتفصيلاً.
ومن الأحاديث المُفتراة أحاديث عذاب القبر أجمعين، فأوهموكم بأن عذاب البرزخ هو في قبر السوءة فجعلوا ذلك عقيدة لدى المسلمين، وذلك حتى يظلّ النّاس أجمعون في شكٍ من العذاب بعد الموت، لأنهم لا يجدون ما يعتقد به المسلمون من عذاب القبر.
ولولا هذه العقيدة التي ما أنزل الله بها من سلطان لاعتنق كثيرٌ من النّاس الإسلام لأنّهم وجدوا كثيراً من العلوم الحديثة مطابقة لما جاء في القرآن العظيم، ولكن عقيدة عذاب القبر تصدّهم عن الإيمان لأنهم لم يجدوا الكفار من أمواتهم يتعذبون في قبورهم كما يعتقد المسلمون.! ونجح الصحابة المنافقون من اليهود فصدوا عن سبيل الله؛ ألا ساء ما يفعلون.
ويا معشر علماء الأمّة، لقد أخبركم مُحمد رسول - الله صلّى الله عليه وآله وسلّم - بالقاعدة التي تستطيعون من خلالها أن تُميزوا الأحاديث الحقّ من الأحاديث المُفتراة، فقال لكم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
[ ما تشابه مع القرآن فهو مني ] صدق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
بمعنى أنّ ما وجدتموه من أحاديثه مُخالفاً لحديث ربّه في القرآن المحفوظ فهو ليس منه، بل من عند غير الله ورسوله.
وكذلك يا معشر علماء الأمّة علّمكم الله بنفس هذه القاعدة بنص القرآن العظيم وأنه ما وجدتم من الأحاديث لرسوله بأنّ بينها وبين القرآن اختلافاً كثيراً فإن ذلك من عند غير الله ورسوله، وقال الله تعالى:
{ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴿81﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿82﴾ } صدق الله العظيم [النساء]
فكيف يا معشر علماء السُّنة تنكرون هذا الحديث الحقّ في سنّة رسول الله والذي يتطابق مع حديث الله في القرآن العظيم وينطقان بالقاعدة والنّاموس والقانون الواحد في طريقة اكتشاف الأحاديث المدسوسة عن رسول الله كذباً في سنته ولم ينطق بها محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فهل ترون يا معشر أهل السُّنة بأنكم ضللتم عن السنة وعن القرآن؟ فاتبعوني أهدكم صراطاً مُستقيماً.
وكذلك كثيرٌ من الشيعة ضلّوا ضلالاً بعيداً، وكذلك جميع المذاهب الإسلاميّة إلّا من استمسك بما استمسك به محمد رسول الله وقومه من الذين معه قلباً وقالباً. فتعالوا لننظر بماذا استمسكوا؟ إنه القرآن العظيم:
{ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿43﴾ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿44﴾ } صدق الله العظيم [الزخرف]
إذاً القرآن حجّة الله على رسوله وعلى المؤمنين، وإنما محمدٌ رسول الله يهدي النّاس بالقرآن ويُبيّنه لهم، والأحاديث الحقّ جاءت بياناً لبعض آيات القرآن العظيم، تصديقاً لقول الله تعالى:
{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } صدق الله العظيم [النحل:44]
وذلك لأن القرآن نورٌ بيد محمد رسول - الله صلّى الله عليه وآله وسلّم - ليُخرج النّاس من الظلمات إلى النّور. وقال الله تعالى:
{ يَا أيّها النّاس قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن ربّكم وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴿174﴾ فأمّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿175﴾ } صدق الله العظيم [النساء]
ويا معشر علماء الأمّة سبق وأن أنكرت عذاب القبر في خطاب قبل هذا بأكثر من سنتين ولم يتجرأ أحد من علماء الأمّة أن يُفتي بأن ناصر اليماني على باطل. وسوف ننسخ لكم نفس الخطاب القديم في شأن عذاب القبر الذي ما أنزل الله به من سُلطان في القرآن..
الخميس أكتوبر 31, 2024 3:54 pm من طرف ابرار
» نُكتَةٌ مُضحِكَةٌ ولَكِنَّها تشفِي قُلوبَ قَومٍ مُؤمنين ..
الإثنين أكتوبر 21, 2024 10:39 am من طرف ابرار
» تَعزيَةٌ في شَهيد الأُمَّة العربيَّة والإسلاميَّة؛ ضَيْفُ الله الواحِد القَهَّار (يحيى إبراهيم حسن السّنوار) الذي لحِقَ برَكبِ الشُّهداء الأبرار؛ أحياء عند رَبِّهم يُرزَقون ..
الأحد أكتوبر 20, 2024 5:10 pm من طرف ابرار
» إجابة السؤال
الأربعاء أكتوبر 09, 2024 7:58 pm من طرف ابرار
» أمْرٌ عَاجِلٌ إلى جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة ..
الإثنين أكتوبر 07, 2024 9:29 pm من طرف ابرار
» تَعزيةٌ لجيشِ المُؤمنينَ لتَحريرِ فِلَسطينَ ولكافّةِ الأمّةِ العَربيّةِ والإسلاميّةِ ..
الأحد سبتمبر 29, 2024 4:07 pm من طرف ابرار
» لا يجوزُ الجمعُ بين بنت أخِ الزوجة وعمتها كون الزوجة عمتها أخت أبيها، ولا بين بنت أخت الزوجة وخالتها أخت أمها، ومُحرَّم ذلك كحُرمةِ الجَمعِ بين الأختين..
السبت سبتمبر 21, 2024 9:48 pm من طرف ابرار
» تَسْجيلُ مُتابعةِ الحَدَثِ الأمنيّ الكَبير لِكَوكبِ الأرضِ في مَنطِقةِ القُطْبِ الجَنوبيّ ..
السبت سبتمبر 21, 2024 9:45 pm من طرف ابرار
» بَيان نَذير كَبير وتَحذير مِن شَرٍّ مُستَطيرٍ لِكافَّة البَشَر في البَوادي والحَضَر؛ قَد أعذر مَن أنذر، فَفِرّوا إلى الله الواحِد القَهَّار بالتَّوبة والإنابة، واصطَلِحوا مع الله قَبْل فَوات الأوان يا معشَر الإنْس والجَان .
الأحد سبتمبر 08, 2024 9:26 pm من طرف ابرار
» تَلبيةُ الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمَانيّ لِطَلَب الحِوار مع المُنكِر للقُرآن العَظيم الأستاذ علي البخيتي ..
الثلاثاء سبتمبر 03, 2024 6:52 pm من طرف ابرار