الرد على القرآنيين
فصل: قال أبو بكري الآجري رحمه الله: ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول: قال رسول الله في شيء قد ثبت عند العلماء؛ فعارض إنسان جاهل فقال: لا أقبل إلا ما قال الله في كتابه قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن حذرنا رسول الله، وحذرنا منك العلماء.
وقيل له: يا جاهل إن الله أنزل فرائضه جملة، وأمر نبيه أن يبين للناس ما نزل إليه، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾1
فأقام الله عز وجل نبيه عليه السلام مقام البيان عنه، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه، فقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾2 كما حذرهم أن يخالفوا أمر رسول الله فقال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾3 الآية، وقال: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾4 الآية، ثم فرض على الخلق طاعته في نيف وثلاثين موضعا من كتابه.
وقيل لهذا المعارض لسنن الرسول: يا جاهل قال الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾5 أين تجد في كتاب الله أن الفجر ركعتان، والظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، وعشاء الآخرة أربع؟! أين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها، وما يصلحها وما يبطلها إلا من تبيين النبي عليه السلام.
ومثله الزكاة: أين تجد في كتاب الله: من كل مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينارا نصف دينار، ومن أربعين شاة شاة، ومن خمس من الإبل شاة، ومن جميع أحكام الزكاة؟! أين تجدها في كتاب الله؟ وكذلك جميع فرائض الله التي فرضها في كتابه لا نعلم الحكم فيه إلا بسنن الرسول عليه السلام.
هذا قول العلماء علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام، ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى، وقد روي عن نبينا عليه السلام وعن صحابته مثل ذلك.
المؤلف -رحمه الله- نقل عن أبي بكر الآجري في كتاب الشريعة نصيحةً لأهل العلم والعقل؛ ماذا يكون موقفهم من أهل البدع الذين لا يعملون بالسنة؟ فقال: قال أبو بكر الآجري -رحمه الله-: ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شيء قد ثبت عند العلماء؛ فعارض إنسان جاهل فقال: لا أقبل إلا ما قال الله في كتابه. ماذا يقال له؟ إذا قال بعض الجهال: ما أقبل إلا بالقرآن، ما أقبل السنة.
هناك طائفة يسمون القرآنيين؛ الذين يزعمون أنهم لا يعملون إلا بالقرآن، وهؤلاء كذبوا، لو كانوا يعملون بالقرآن لعملوا بالسنة، لأن الله أمر بالأخذ بالسنة@، قال: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾6 قال: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾2
فيقول أبو بكر الآجري رحمه الله: يبغي لأهل العلم والعقل أن يجادلوا هذا المبتدع الذي يقول: لا آخذ بالسنة. وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعارض هذا الجاهل وقال: لا أقبل إلا ما في الكتاب العزيز، يقول: قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن حذرنا رسول الله منك، وحذر منك العلماء، وقيل له: يا جاهل إن الله أنزل فرائضه جملة، وأمر نبيه أن يبين للناس فقال: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾1 السنة تبين القرآن، فأقام الله عز وجل نبيه مقام البيان، فالرسول مبلغ عن الله ومبين، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته فقال: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾6 وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه فقال: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾2 كما حذرهم أن يخالفوا أمر رسوله قال: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾3 هذا وعيد شديد، ونفى الله الإيمان عن من لم يحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- في النزاع فقال: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾4
قال: ثم فرض على الخلق طاعته؛ يعني طاعة الرسول، في نيف وثلاثين موضعا من كتابه، والنيف يعني ما زاد عن الثلاثين؛ يعني فيما يزيد على الثلاثين موضعا كلها فيها الأمر بطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقيل له؛ أي المعارض لسنن الرسول الذي يقول: لا آخذ بسنن الرسول يقال له: يا جاهل، الله قال: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾5 إذا كنت لا تأخذ بالسنة؛ كيف تؤدي الصلاة؟ أين تجد في كتاب الله أن الفجر ركعتان، والظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث؟ ليس موجود هذا في القرآن وإنما موجود في السنة.
أين تجد أحكام الصلاة، أركان الصلاة، واجباتها؟ هل تجدها في القرآن ولا في السنة؟ في السنة. أين تجد المواقيت؟ تحديد المواقيت؟ القرآن قال: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾7 يعني: مفروضة في أوقات، لكن ما هو تحديد الأوقات؟ وأن صلاة الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، والعصر إلى اصفرار الشمس، والمغرب إلى بياض الشفق، لا تجد هذا في القرآن، وإنما تجده في السنة، أين تجد مواقيت الصلاة وما يصلحها وما يبطلها ومبطلات الصلاة؟ تجدها في القرآن ولا في السنة؟
الزكاة أين تجد في كتاب الله أنه يجب ربع العشر في الدراهم؛ في كل مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينار نصف دينار، وفي الغنم في الأربعين شاة شاة، وفي خمس من الإبل شاة، لا تجد هذا إلا في السنة، وكذلك جميع الفرائض.
يقول المؤلف رحمه الله: هذا قول العلماء علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج من ملة الإسلام، ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى.
لا شك أن من أنكر السنة كافر؛ من أنكر السنة وجحدها فهو كافر؛ لأنه مكذب لله، ومن كذب الله كفر، ومن جحد السنة أو لم يعمل بها وقال: لا أعمل بها. واعتقد أنه لا يجوز العمل بها فهو كافر مرتد بإجماع المسلمين.
نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله أن يهدي قلوبنا، وأن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يوفقنا للعمل بكتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولزومهما والاعتصام بهما، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
الأسئلـــة
أحسن الله إليكم. الأسئلة كثيرة حقيقة جاءت من الشبكة، فليعذرنا الإخوة لتقديمها؛ لأن بعض الإخوة في تلك البلاد لا يتسنى لهم رؤية مشايخ ولا سؤالهم إلا من هذه اللقاءات المباركة.
هذا أخ من ليبيا يقول: نحن في بلد يقصر فيه نهار العلم، ويطول ليل الجهل، واليد العليا للمتصوفة الدجالين، ولا سبيل لنا لنيل العلم إلا عن طريق الاتصال بالعلماء أو بسماع أشرطتهم وقراءة كتبهم؛ لدحض شبه هؤلاء المبتدعة، ولكنهم يشبهون على العامة بعدة شبه منها: الاستدلال بمقولة: ( من كان شيخه كتابه؛ كان خطؤه أكثر من صوابه )، الاستدلال بحديث: « إذا اجتهد الحاكم فله أجران »8
وغيرها من الشبه والاستدلالات الباطلة، فما ردكم عليهم؟ وما نصيحتكم لنا، وجزاكم الله خيرا؟
نعم. أما قول: ( من كان شيخه كتابه؛ فخطؤه أكثر من صوابه ). فهذا صحيح؛ يعني الإنسان الذي يطلب العلم من الكتب فقط، ولا يأخذ العلم من أفواه العلماء، ولا يحضر حلقات الدروس؛ لا شك أنه يغلط ويخطئ، لا شك أنه.. ولا يكون طالب علم، وليس هناك طالب علم خرج من الكتب وحدها، طالب العلم لا بد أن يكون له- كل العلماء كل واحد منهم له شيوخ ولهم تلاميذ، فلا بد أن يؤخذ العلم عن مشافهة العلماء، والأخذ عنهم، واللقاء بهم، وسؤالهم، واستفتائهم، ومزاحمة التلاميذ في العلم، هذا الصحيح.
وأما حديث: « إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر »9 هذا العالم؛ العلماء أهل البصيرة، العالم إذا اجتهد في مسألة، واستفرغ وسعه - الذي عنده أهلية - استفرغ وسعه في الاجتهاد؛ فإن أصاب فله أجران؛ أجر الاجتهاد، وأجر الصواب، وإن أخطأ فاته أجر الصواب، وله أجر الاجتهاد، هذا للعالم.
أما غير العالم فيسأل أهل العلم، الذي ليس عنده بصيرة لا يجتهد، ما هو محل الاجتهاد، الذي لم يصل إلى درجة الاجتهاد، والذي ليس عنده علم ولا بصيرة يقلد من يثق بدينه وعلمه وورعه، يسأل لكن لا يسأل من هب ودب؛ بل يسأل من يثق بدينه وعلمه وورعه، فإذا أفتاه يعمل به، كما قال الله تعالى في كتابه العظيم: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾10
هذا هو فطالب العلم لا يعتمد على الكتاب؛ بل يعتمد على أهل العلم، والاجتهاد إنما هو لأهل العلم وليس للعامة، والعامة ومن ليس له أهلية، هذا يسأل، يسأل أهل العلم، يسأل أهل البصيرة، يسأل من يثق بدينه وعلمه وأمانته وورعه. نعم.
سائل آخر يقول: فضيلة الشيخ: في هذه الأيام كثر الخوض في شؤون الأمة ممن ليس لديهم علم، وليسوا مؤهلين لذلك، وأصبح الناس يتعرضون لكثير من الشبهات التي تلبس عليهم دينهم، وساعد في ذلك وسائل الإعلام كالإنترنت.
فضيلة الشيخ: نحن في حيرة، ونحتاج إلى كشف الحقائق، ودفع الشبهات، ومنها: أولا: الاستدلال بحديث: « أخرجوا اليهود من جزيرة العرب »11
على شرعية الجهاد في بلادنا.
ثانيا: قول: إن العهد والأمان لمن في هذه البلاد في بلاد المسلمين منقوض بما يفعله الكفار المحاربين في البلاد الأخرى.
هذه واحدة واحدة. الأول؟ الأول: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب".
نعم. « أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب »11 وقوله عليه السلام: « لا يبقى بجزيرة العرب دينان »12 فهذا دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يستخدم الكفرة، وليس للإنسان أن يستخدم خادما أو خادمة كافرا في جزيرة العرب، وليس له أن يستخدم عاملا كافرا، لأن هذه الجزيرة هي التي هي منبع الإسلام ومهد الإسلام، والإسلام قام على أكتاف العرب، فينبغي أن تكون سالمة خالصة.
بعض الناس لا يبالي، قد يستخدم خادمة كافرة، سائق كافر، هندوس، تجده لا يبالي، بعض الناس يستخدم عمال كفرة، وحكى بعضهم وقال: إن العمال الكفرة أحسن في العمل، أو أنهم يعملون في وقت الصلاة، والعياذ بالله؛ هذا لا يجوز، يحرم عليه، لا يجوز للإنسان أن يستخدم إلا مسلما، وأيضا يختار، بعض الناس يكون مسلما ولكنه يتسمى، ليس له من الإسلام إلا الاسم، يختار الناس الطيبين الذي يمكن توجيههم، لأن المسلمين يمكن توجيههم، من كان على دينك فهو يعينك، فلا يجوز للإنسان أن يستخدم الكفرة، الحمد لله نستخدم مسلمين.
ولا ينبغي أن يبقى الكافر في جزيرة العرب؛ إلا مثل ما كان يفعل عمر بن الخطاب في زمن الصحابة، كان النبط يعني: الأنباط الكفار يأتون يبيعون سلعتهم، وما يأتون به من الطعام ثم يذهبون ولا يستقرون.
وهذا غير ما يتعلق بولاة الأمور، ما يتعلق بولاة الأمور من الوفود وأشباههم، فولاة الأمور لهم اختصاص؛ لكن بكل حال لا ينبغي للإنسان أن يستخدم الكفرة، وإذا وجدوا واستقروا في بلاد جزيرة العرب فلا يجوز قتالهم، لهم أمن، لا يجوز قتلهم فهم لهم عهد ولهم أمن، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: « المؤمنون كالجسد الواحد، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم »13 فإذا كفل الإنسان واحدا فإنه يكون في هذه الحالة يكون معصوم الدم والمال؛ لأنه صاحب عهد له إجارة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأم هانئ: « قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ »14 .
فإذا أجار واحد من المسلمين ولو كان عبدا أو امرأة فإنه يجب على الناس أن يحترموه في إجارته وأمانه، يكون صاحب أمان، صاحب عهد، وليس معنى ذلك أن من استخدم الكفرة وأن من استخدم من الكفرة يقتلون، لا ما هو من الجهاد؛ الجهاد القتال في سبيل الله حينما تعقد الراية، يعقدها ولي الأمر ويقاتل الكفار، أما هؤلاء لهم عهد ولهم ذمة ولهم أمان، وهم محترمون دماؤهم معصومة وأموالهم معصومة، ولو غلط من غلط، إذا غلط الناس واستخدموهم جعلوهم يجلسون مدة، صحيح هذا غلط؛ ولكن ليس معنى ذلك أنهم يقتلون، لا، دماؤهم معصومة، وأموالهم معصومة، وليس هذا جهاد؛ هذا إخلال بالأمن، وهذه عقيدة الخوارج، هذا إخلال بالأمن، وقتل لنفوس معصومة، فالواجب الحذر من هذا.
فالجهاد جهاد، والإخلال بالأمن وطريقة الخوارج شيء آخر، طريقة الخوارج ما تكون جهادا، الخوارج كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان »15 الخوارج يكفرون الناس بالمعاصي، ويستحلون دماءهم وأموالهم، ويقتلون المؤمنين، ويستحلون قتل المعاهدين، فيقتلون المؤمنين والمعاهدين جميعا، بسبب العقيدة المنحرفة، لأنهم عندهم أهل انحراف وأهل زيغ وأهل ضلال.
ومن ضلالهم أنهم يقولون: نقتل الكفار ومن تعلق بهم، يعني تترس بهم، كل من يتبعهم من المؤمنين نقتلهم معهم. هذا كلام باطل، يقتلون المعاهدين يزعمون أنهم يقتلون الكفار، فإذا قيل لهم: والمؤمنون الذين معهم؛ المسلمون الذين معهم؟ قالوا: هؤلاء تترسوا بهم. وأين التترس؟!! التترس هذا في الجهاد في صف القتال، في صف القتال إذا جاء الكفار وجعلوا أمامهم مؤمنين، مأسورين جعلوهم أمامهم دروع، هذا التترس.
أما أن تقتل في بلاد المسلمين في بلاد آمنة تحت ولاية مسلمة ومعاهدون؛ تقتل المعاهدين وتقتل المؤمنين معهم وتقول إن هذا تترس!! نعوذ بالله من زيغ القلوب، هذا زيغ قلوب، وهذا هو العمى، وهذه طريقة الخوارج الذين يكفرون المسلم بالمعاصي، ويضعون الآيات التي في الكفار يضعونها في المسلمين، سلم منهم اليهود والنصارى ولم يسلم المسلمون، نسأل الله السلامة والعافية، نعوذ بالله من زيغ القلوب. نعم.
أحسن الله إليكم. الشبه الثانية: يقول: قولهم: أن العهد والأمان لمن في بلاد المسلمين منقوض بما يفعله الكفار المحاربين في بلاد الأخرى، وأن نقض العهد ليس خاصا بالإمام.
هذا ليس بصحيح، هذا باطل، من قال إنه منقوض؟ لو كانت هناك دولة كافرة، ثم جاء واحد منها ودخل في بلاد المسلمين بالأمان؛ يصير معصوم الدم والمال. المهم أن هذا ما هم مقاتلة دخلوا بأمان، هذا أمر ظاهر ليس بمنقوض، هذه الآراء الفاسدة وهذه الآراء المنحرفة وهذه مصادمة النصوص بالآراء الفاسدة، هذا قول باطل ليس بصحيح؛ بل هم لهم أمانهم، ولهم عهدهم؛ حتى ولو كانت دولتهم تقاتل وتحارب المسلمين، ثم دخل أحد منهم بأمان في بلاد المسلمين صار معصوم الدم والمال ولا يجوز قتله، دمه معصوم وماله معصوم. نعم.
الشبهة الثالثة: قولهم: الزعم بأن العلماء يخفون الحقائق خوفا من السلطان.
هذا اتهام للنيات، هذا اتهام باطل والعياذ بالله، العلماء يبينون ويوضحون، ولا يخافون في الله لومة لائم، أين الحقائق التي يخفونها؟ هذه النصوص وهذه الأدلة، ما فيه حقائق يخفونها. الحق واضح أبلج، هذا من المصائب في هذا الزمان أنهم يتهمون العلماء، وكذلك أيضا يتدخلون في النيات ويقولون: فلان مقصده كذا، وفلان مقصده كذا، هذا إذا تكلم في الفقه يعني إذا شرح الإنسان بعض الكتب، أحيانا. شرحت أنا نواقض الإسلام فجاء بعض الناس وقال: تقصد كذا، تقصد الدولة الفلانية، تقصد الشخص الفلاني، كيف؟ أنا أشرح الآن أشرح كلام أهل العلم يقولون تقصد شخص في نيتك؛ من قال؟ تعلم الغيب؟ تعلم ماذا أريد؟ نعم تقصد هذا كنت تريده. من قال أني أقصد هذا؟، هات الدليل. نسأل الله السلامة والعافية.
يعني يوجد في هذا الزمن شرور وفتن، تدخل في النيات، يقول: تقصد كذا وتقصد الشخص الفلاني تقصد الحالة الفلانية، تقصد الجهة الفلانية، تقصد المؤسسة الفلانية وما فيه دليل يدل على هذا؛ هذا اتهام والعياذ بالله، مثل هؤلاء يتهمون العلماء والعياذ بالله، هذا من الزيغ، نسأل الله السلامة والعافية.
الواجب على الإنسان أن يحذر، وأن يمسك لسانه، وأن يمسك أيضا قلبه عن الاعتقاد الفاسد؛ يحفظ قلبه من الاعتقاد الفاسد، ويحفظ لسانه من الكلام السيئ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده »16 نعم.
أحسن الله إليكم. وهذه مجموعة من الأسئلة من جمعية الإسلام في فرنسا.
السؤال الأول يقول: يقوم إمام المسجد بترجمة الخطبة التي يلقيها في الخطبة الأولى يوم الجمعة في الخطبة الثانية إلى اللغة الفرنسية حتى يفهم من لا يفهم فهل فعله صحيح؟
إذا كان الذين يستمعون الخطبة كلهم أعاجم لا يفهمون العربية فلا بأس من إلقاء الخطبة بالترجمة، أما إذا كان فيهم عرب وفيهم من يفهم العربية تكون الخطبة بالعربية، والترجمة تكون بعد الصلاة، لا بأس، لكن في الخطبة تكون باللغة العربية؛ ما دام أن فيهم من يفهم العربية، أما إذا كان كلهم لا يفهم العربية فلا بأس أن تترجم؛ لأن المقصود فهمهم وهم لا يفهمون كلهم، أما إذا كان يوجد من يفهم العربية فتكون باللغة العربية، والترجمة بعد ذلك بعد الصلاة. نعم.
سؤالهم الثاني أحسن الله إليكم يقول: ما هو ضابط تسمية البلد بأنه بلد إسلامي؟
هذا فيه اختلاف لأهل العلم، من العلماء قال: إذا كان البلد تعلن فيه شعائر الإسلام، وفيه الأذان والصلاة، تقام شعائر الإسلام يسمى بلدا إسلاميا، ومن العلماء من قال: العبرة بالحكومة، إذا كانت الحكومة تقيم شرع الله، وتحكم بشريعة الله فهو بلد إسلامي. نعم.
سؤالهم الثالث يقول: من هو الذي يتولى إقامة الحدود على المسلمين في بلاد الكفر مثلما هو الحال عندنا في فرنسا إذا كان المسؤول عن المركز الإسلامي من الفرق الضالة؟ وهل يجوز للفرد المسلم أن يقيم الحدود على أهله؟
ليس للإنسان أن يقيم الحد بنفسه، أما على أهله إذا كان على أهله يؤدبهم. الإنسان له أن يؤدب أهله وأولاده فهو له سلطان عليهم، أما غيرهم فليس له أن يقيم الحد، يتصل بالمركز الإسلامي والمركز الإسلامي هو المسؤول؛ ولو كان عندهم بعض البدع، إذا كان المسؤول عن المركز الإسلامي يقيم الحدود، ولا يغير شرع الله؛ ولكن عنده بعض البدع التي لا تخرجه من ملة الإسلام؛ فلا بأس ولو كان عنده بعض البدع، مثل ولي الأمر إذا كان عنده بعض البدع وبعض المعاصي هو الذي يتولى هذا يجب السمع له والطاعة. نعم.
أحسن الله إليكم. يقول هذا سائل من الأردن يقول حفظكم الله: يزعم بعض من يدعي العلم أن اعتبار المصالح والمفاسد من تقديم العقل على الشرع. فهل هذا صحيح؟
تقديم المصالح على المفاسد هذا لا بد أن يكون فيه المصالح والمفاسد لا بد من اعتبار الشرع، ما اعتبره الشرع مصلحة فهو مصلحة، وما اعتبره مفسدة فهو مفسدة. العقل لا يعرف المصالح على استقلاله، ولا يعرف المفاسد، والمراد المصالح التي دل عليها الشرع والعقل من المصالح، كل هذا مربوط بالشرع، المصالح التي اعتبرها الشارع، والمفاسد التي اعتبارها الشارع مفاسد. نعم.
هذا سائل من المغرب يقول: أرجو أن تبينوا لنا كيفية هذا الحديث: « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده »17 إلى آخر الحديث. بارك الله فيكم!
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان »17 فيه أن الحديث دليل على وجوب إنكار المنكر، وأنه على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: تغيير المنكر باليد إذا كان يستطيع إذا كان ولي الأمر إذا كان أمير أو من رجال الحسبة في حدود ما أعطوا من الصلاحيات، وكذلك الإنسان في بيته، إذا كان يقدر على هذا أن يغير المنكر في بيته، إذا كان مثلا خمر يتلف الخمر، إذا كان آلة لهو يتلفها، أما إذا كان لا يستطيع وليس من أهل الاختصاص؛ فإنه ينتقل إلى المرتبة الثانية؛ حيث إنه إذا غير بيده يناله ضرر في بدنه أو أهله أو ماله تسقط هذه المرتبة.
وينتقل إلى المرتبة التي بعدها، وهي التغيير باللسان، بالنصيحة والبيان والإنكار، يبين فيقول: يا هذا اتق الله، هذا منكر، هذا لا يجوز.
فإن كان لا يستطيع التغيير باللسان؛ بحيث إذا غير بلسانه ضرب أو أخذ ماله أو أوذي، ضرر محقق، ليس توهمات، في هذه الحال يسقط عنه الإنكار باللسان وينكر بالقلب، والمعنى أنه يكره هذا المنكر بقلبه، وتظهر علامات الإنكار على قلبه، ولا يجالس أهل المنكر، وإنما يقوم عنهم؛ يقوم ولا يجالسهم، هذه هي المراتب.
والذي لا ينكر بالقلب قال: « وهذا أضعف الإيمان »18 الذي لا ينكر بالقلب معناه مشارك لأهل المعاصي في المعاصي، والذي لا ينكر بقلبه مثلا شرب الخمر؛ الذي لا يشرب الخمر؛ بل لا يكرهه يكون حكمه حكم من يشرب الخمر، آثم، ومن لا يكره الغيبة حكمه حكم أهل الغيبة، وهكذا ومن لا يكره التعامل بالربا يكون حكمه حكم المتعامل بالربا. نعم. أحسن الله إليكم، وأثابكم، ونفعنا بعلمكم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وفق الله الجميع، وثبت الله دينكم، وصلى الله وسلم على رسوله.
1 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:44
2 : سورة الحشر (سورة رقم: 59)؛ آية رقم:7
3 : سورة النور (سورة رقم: 24)؛ آية رقم:63
4 : سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:65
5 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:43
6 : سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:92
7 : سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:103
8 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7352) , ومسلم : الأقضية (1716) , وأبو داود : الأقضية (3574) , وابن ماجه : الأحكام (2314) , وأحمد (4/204).
9 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7352) , ومسلم : الأقضية (1716) , وأبو داود : الأقضية (3574) , وابن ماجه : الأحكام (2314) , وأحمد (2/187).
10 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:43
11 : مسلم : الجهاد والسير (1767) , والترمذي : السير (1607) , وأبو داود : الخراج والإمارة والفيء (3030) , وأحمد (1/29).
12 : أحمد (6/274).
13 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7300) , ومسلم : الحج (1370) , والترمذي : الولاء والهبة (2127) , والنسائي : القسامة (4735) , وأحمد (1/119).
14 : البخاري : الصلاة (357) , ومسلم : صلاة المسافرين وقصرها (336) , وأحمد (6/423) , ومالك : النداء للصلاة (359) , والدارمي : الصلاة (1453).
15 : البخاري : التوحيد (7432) , ومسلم : الزكاة (1064) , والنسائي : الزكاة (2578) , وأبو داود : السنة (4764) , وأحمد (3/68).
16 : البخاري : الإيمان (10) , ومسلم : الإيمان (40) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (4996) , وأبو داود : الجهاد (2481) , وأحمد (2/191) , والدارمي : الرقاق (2716).
17 : مسلم : الإيمان (49) , والترمذي : الفتن (2172) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (5009) , وأبو داود : الصلاة (1140) , وابن ماجه : الفتن (4013) , وأحمد (3/10).
18 : مسلم : الإيمان (49) , والترمذي : الفتن (2172) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (5009) , وأبو داود : الصلاة (1140) , وابن ماجه : إقامة الصلاة والسنة فيها (1275) , وأحمد (3/10).
http://www.taimiah.org/index.aspx?function=item&id=975&node=7849
فصل: قال أبو بكري الآجري رحمه الله: ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول: قال رسول الله في شيء قد ثبت عند العلماء؛ فعارض إنسان جاهل فقال: لا أقبل إلا ما قال الله في كتابه قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن حذرنا رسول الله، وحذرنا منك العلماء.
وقيل له: يا جاهل إن الله أنزل فرائضه جملة، وأمر نبيه أن يبين للناس ما نزل إليه، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾1
فأقام الله عز وجل نبيه عليه السلام مقام البيان عنه، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه، فقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾2 كما حذرهم أن يخالفوا أمر رسول الله فقال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾3 الآية، وقال: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾4 الآية، ثم فرض على الخلق طاعته في نيف وثلاثين موضعا من كتابه.
وقيل لهذا المعارض لسنن الرسول: يا جاهل قال الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾5 أين تجد في كتاب الله أن الفجر ركعتان، والظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، وعشاء الآخرة أربع؟! أين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها، وما يصلحها وما يبطلها إلا من تبيين النبي عليه السلام.
ومثله الزكاة: أين تجد في كتاب الله: من كل مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينارا نصف دينار، ومن أربعين شاة شاة، ومن خمس من الإبل شاة، ومن جميع أحكام الزكاة؟! أين تجدها في كتاب الله؟ وكذلك جميع فرائض الله التي فرضها في كتابه لا نعلم الحكم فيه إلا بسنن الرسول عليه السلام.
هذا قول العلماء علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام، ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى، وقد روي عن نبينا عليه السلام وعن صحابته مثل ذلك.
المؤلف -رحمه الله- نقل عن أبي بكر الآجري في كتاب الشريعة نصيحةً لأهل العلم والعقل؛ ماذا يكون موقفهم من أهل البدع الذين لا يعملون بالسنة؟ فقال: قال أبو بكر الآجري -رحمه الله-: ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شيء قد ثبت عند العلماء؛ فعارض إنسان جاهل فقال: لا أقبل إلا ما قال الله في كتابه. ماذا يقال له؟ إذا قال بعض الجهال: ما أقبل إلا بالقرآن، ما أقبل السنة.
هناك طائفة يسمون القرآنيين؛ الذين يزعمون أنهم لا يعملون إلا بالقرآن، وهؤلاء كذبوا، لو كانوا يعملون بالقرآن لعملوا بالسنة، لأن الله أمر بالأخذ بالسنة@، قال: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾6 قال: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾2
فيقول أبو بكر الآجري رحمه الله: يبغي لأهل العلم والعقل أن يجادلوا هذا المبتدع الذي يقول: لا آخذ بالسنة. وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعارض هذا الجاهل وقال: لا أقبل إلا ما في الكتاب العزيز، يقول: قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن حذرنا رسول الله منك، وحذر منك العلماء، وقيل له: يا جاهل إن الله أنزل فرائضه جملة، وأمر نبيه أن يبين للناس فقال: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾1 السنة تبين القرآن، فأقام الله عز وجل نبيه مقام البيان، فالرسول مبلغ عن الله ومبين، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته فقال: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾6 وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه فقال: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾2 كما حذرهم أن يخالفوا أمر رسوله قال: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾3 هذا وعيد شديد، ونفى الله الإيمان عن من لم يحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- في النزاع فقال: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾4
قال: ثم فرض على الخلق طاعته؛ يعني طاعة الرسول، في نيف وثلاثين موضعا من كتابه، والنيف يعني ما زاد عن الثلاثين؛ يعني فيما يزيد على الثلاثين موضعا كلها فيها الأمر بطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقيل له؛ أي المعارض لسنن الرسول الذي يقول: لا آخذ بسنن الرسول يقال له: يا جاهل، الله قال: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾5 إذا كنت لا تأخذ بالسنة؛ كيف تؤدي الصلاة؟ أين تجد في كتاب الله أن الفجر ركعتان، والظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث؟ ليس موجود هذا في القرآن وإنما موجود في السنة.
أين تجد أحكام الصلاة، أركان الصلاة، واجباتها؟ هل تجدها في القرآن ولا في السنة؟ في السنة. أين تجد المواقيت؟ تحديد المواقيت؟ القرآن قال: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾7 يعني: مفروضة في أوقات، لكن ما هو تحديد الأوقات؟ وأن صلاة الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، والعصر إلى اصفرار الشمس، والمغرب إلى بياض الشفق، لا تجد هذا في القرآن، وإنما تجده في السنة، أين تجد مواقيت الصلاة وما يصلحها وما يبطلها ومبطلات الصلاة؟ تجدها في القرآن ولا في السنة؟
الزكاة أين تجد في كتاب الله أنه يجب ربع العشر في الدراهم؛ في كل مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينار نصف دينار، وفي الغنم في الأربعين شاة شاة، وفي خمس من الإبل شاة، لا تجد هذا إلا في السنة، وكذلك جميع الفرائض.
يقول المؤلف رحمه الله: هذا قول العلماء علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج من ملة الإسلام، ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى.
لا شك أن من أنكر السنة كافر؛ من أنكر السنة وجحدها فهو كافر؛ لأنه مكذب لله، ومن كذب الله كفر، ومن جحد السنة أو لم يعمل بها وقال: لا أعمل بها. واعتقد أنه لا يجوز العمل بها فهو كافر مرتد بإجماع المسلمين.
نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله أن يهدي قلوبنا، وأن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يوفقنا للعمل بكتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولزومهما والاعتصام بهما، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
الأسئلـــة
أحسن الله إليكم. الأسئلة كثيرة حقيقة جاءت من الشبكة، فليعذرنا الإخوة لتقديمها؛ لأن بعض الإخوة في تلك البلاد لا يتسنى لهم رؤية مشايخ ولا سؤالهم إلا من هذه اللقاءات المباركة.
هذا أخ من ليبيا يقول: نحن في بلد يقصر فيه نهار العلم، ويطول ليل الجهل، واليد العليا للمتصوفة الدجالين، ولا سبيل لنا لنيل العلم إلا عن طريق الاتصال بالعلماء أو بسماع أشرطتهم وقراءة كتبهم؛ لدحض شبه هؤلاء المبتدعة، ولكنهم يشبهون على العامة بعدة شبه منها: الاستدلال بمقولة: ( من كان شيخه كتابه؛ كان خطؤه أكثر من صوابه )، الاستدلال بحديث: « إذا اجتهد الحاكم فله أجران »8
وغيرها من الشبه والاستدلالات الباطلة، فما ردكم عليهم؟ وما نصيحتكم لنا، وجزاكم الله خيرا؟
نعم. أما قول: ( من كان شيخه كتابه؛ فخطؤه أكثر من صوابه ). فهذا صحيح؛ يعني الإنسان الذي يطلب العلم من الكتب فقط، ولا يأخذ العلم من أفواه العلماء، ولا يحضر حلقات الدروس؛ لا شك أنه يغلط ويخطئ، لا شك أنه.. ولا يكون طالب علم، وليس هناك طالب علم خرج من الكتب وحدها، طالب العلم لا بد أن يكون له- كل العلماء كل واحد منهم له شيوخ ولهم تلاميذ، فلا بد أن يؤخذ العلم عن مشافهة العلماء، والأخذ عنهم، واللقاء بهم، وسؤالهم، واستفتائهم، ومزاحمة التلاميذ في العلم، هذا الصحيح.
وأما حديث: « إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر »9 هذا العالم؛ العلماء أهل البصيرة، العالم إذا اجتهد في مسألة، واستفرغ وسعه - الذي عنده أهلية - استفرغ وسعه في الاجتهاد؛ فإن أصاب فله أجران؛ أجر الاجتهاد، وأجر الصواب، وإن أخطأ فاته أجر الصواب، وله أجر الاجتهاد، هذا للعالم.
أما غير العالم فيسأل أهل العلم، الذي ليس عنده بصيرة لا يجتهد، ما هو محل الاجتهاد، الذي لم يصل إلى درجة الاجتهاد، والذي ليس عنده علم ولا بصيرة يقلد من يثق بدينه وعلمه وورعه، يسأل لكن لا يسأل من هب ودب؛ بل يسأل من يثق بدينه وعلمه وورعه، فإذا أفتاه يعمل به، كما قال الله تعالى في كتابه العظيم: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾10
هذا هو فطالب العلم لا يعتمد على الكتاب؛ بل يعتمد على أهل العلم، والاجتهاد إنما هو لأهل العلم وليس للعامة، والعامة ومن ليس له أهلية، هذا يسأل، يسأل أهل العلم، يسأل أهل البصيرة، يسأل من يثق بدينه وعلمه وأمانته وورعه. نعم.
سائل آخر يقول: فضيلة الشيخ: في هذه الأيام كثر الخوض في شؤون الأمة ممن ليس لديهم علم، وليسوا مؤهلين لذلك، وأصبح الناس يتعرضون لكثير من الشبهات التي تلبس عليهم دينهم، وساعد في ذلك وسائل الإعلام كالإنترنت.
فضيلة الشيخ: نحن في حيرة، ونحتاج إلى كشف الحقائق، ودفع الشبهات، ومنها: أولا: الاستدلال بحديث: « أخرجوا اليهود من جزيرة العرب »11
على شرعية الجهاد في بلادنا.
ثانيا: قول: إن العهد والأمان لمن في هذه البلاد في بلاد المسلمين منقوض بما يفعله الكفار المحاربين في البلاد الأخرى.
هذه واحدة واحدة. الأول؟ الأول: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب".
نعم. « أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب »11 وقوله عليه السلام: « لا يبقى بجزيرة العرب دينان »12 فهذا دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يستخدم الكفرة، وليس للإنسان أن يستخدم خادما أو خادمة كافرا في جزيرة العرب، وليس له أن يستخدم عاملا كافرا، لأن هذه الجزيرة هي التي هي منبع الإسلام ومهد الإسلام، والإسلام قام على أكتاف العرب، فينبغي أن تكون سالمة خالصة.
بعض الناس لا يبالي، قد يستخدم خادمة كافرة، سائق كافر، هندوس، تجده لا يبالي، بعض الناس يستخدم عمال كفرة، وحكى بعضهم وقال: إن العمال الكفرة أحسن في العمل، أو أنهم يعملون في وقت الصلاة، والعياذ بالله؛ هذا لا يجوز، يحرم عليه، لا يجوز للإنسان أن يستخدم إلا مسلما، وأيضا يختار، بعض الناس يكون مسلما ولكنه يتسمى، ليس له من الإسلام إلا الاسم، يختار الناس الطيبين الذي يمكن توجيههم، لأن المسلمين يمكن توجيههم، من كان على دينك فهو يعينك، فلا يجوز للإنسان أن يستخدم الكفرة، الحمد لله نستخدم مسلمين.
ولا ينبغي أن يبقى الكافر في جزيرة العرب؛ إلا مثل ما كان يفعل عمر بن الخطاب في زمن الصحابة، كان النبط يعني: الأنباط الكفار يأتون يبيعون سلعتهم، وما يأتون به من الطعام ثم يذهبون ولا يستقرون.
وهذا غير ما يتعلق بولاة الأمور، ما يتعلق بولاة الأمور من الوفود وأشباههم، فولاة الأمور لهم اختصاص؛ لكن بكل حال لا ينبغي للإنسان أن يستخدم الكفرة، وإذا وجدوا واستقروا في بلاد جزيرة العرب فلا يجوز قتالهم، لهم أمن، لا يجوز قتلهم فهم لهم عهد ولهم أمن، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: « المؤمنون كالجسد الواحد، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم »13 فإذا كفل الإنسان واحدا فإنه يكون في هذه الحالة يكون معصوم الدم والمال؛ لأنه صاحب عهد له إجارة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأم هانئ: « قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ »14 .
فإذا أجار واحد من المسلمين ولو كان عبدا أو امرأة فإنه يجب على الناس أن يحترموه في إجارته وأمانه، يكون صاحب أمان، صاحب عهد، وليس معنى ذلك أن من استخدم الكفرة وأن من استخدم من الكفرة يقتلون، لا ما هو من الجهاد؛ الجهاد القتال في سبيل الله حينما تعقد الراية، يعقدها ولي الأمر ويقاتل الكفار، أما هؤلاء لهم عهد ولهم ذمة ولهم أمان، وهم محترمون دماؤهم معصومة وأموالهم معصومة، ولو غلط من غلط، إذا غلط الناس واستخدموهم جعلوهم يجلسون مدة، صحيح هذا غلط؛ ولكن ليس معنى ذلك أنهم يقتلون، لا، دماؤهم معصومة، وأموالهم معصومة، وليس هذا جهاد؛ هذا إخلال بالأمن، وهذه عقيدة الخوارج، هذا إخلال بالأمن، وقتل لنفوس معصومة، فالواجب الحذر من هذا.
فالجهاد جهاد، والإخلال بالأمن وطريقة الخوارج شيء آخر، طريقة الخوارج ما تكون جهادا، الخوارج كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان »15 الخوارج يكفرون الناس بالمعاصي، ويستحلون دماءهم وأموالهم، ويقتلون المؤمنين، ويستحلون قتل المعاهدين، فيقتلون المؤمنين والمعاهدين جميعا، بسبب العقيدة المنحرفة، لأنهم عندهم أهل انحراف وأهل زيغ وأهل ضلال.
ومن ضلالهم أنهم يقولون: نقتل الكفار ومن تعلق بهم، يعني تترس بهم، كل من يتبعهم من المؤمنين نقتلهم معهم. هذا كلام باطل، يقتلون المعاهدين يزعمون أنهم يقتلون الكفار، فإذا قيل لهم: والمؤمنون الذين معهم؛ المسلمون الذين معهم؟ قالوا: هؤلاء تترسوا بهم. وأين التترس؟!! التترس هذا في الجهاد في صف القتال، في صف القتال إذا جاء الكفار وجعلوا أمامهم مؤمنين، مأسورين جعلوهم أمامهم دروع، هذا التترس.
أما أن تقتل في بلاد المسلمين في بلاد آمنة تحت ولاية مسلمة ومعاهدون؛ تقتل المعاهدين وتقتل المؤمنين معهم وتقول إن هذا تترس!! نعوذ بالله من زيغ القلوب، هذا زيغ قلوب، وهذا هو العمى، وهذه طريقة الخوارج الذين يكفرون المسلم بالمعاصي، ويضعون الآيات التي في الكفار يضعونها في المسلمين، سلم منهم اليهود والنصارى ولم يسلم المسلمون، نسأل الله السلامة والعافية، نعوذ بالله من زيغ القلوب. نعم.
أحسن الله إليكم. الشبه الثانية: يقول: قولهم: أن العهد والأمان لمن في بلاد المسلمين منقوض بما يفعله الكفار المحاربين في بلاد الأخرى، وأن نقض العهد ليس خاصا بالإمام.
هذا ليس بصحيح، هذا باطل، من قال إنه منقوض؟ لو كانت هناك دولة كافرة، ثم جاء واحد منها ودخل في بلاد المسلمين بالأمان؛ يصير معصوم الدم والمال. المهم أن هذا ما هم مقاتلة دخلوا بأمان، هذا أمر ظاهر ليس بمنقوض، هذه الآراء الفاسدة وهذه الآراء المنحرفة وهذه مصادمة النصوص بالآراء الفاسدة، هذا قول باطل ليس بصحيح؛ بل هم لهم أمانهم، ولهم عهدهم؛ حتى ولو كانت دولتهم تقاتل وتحارب المسلمين، ثم دخل أحد منهم بأمان في بلاد المسلمين صار معصوم الدم والمال ولا يجوز قتله، دمه معصوم وماله معصوم. نعم.
الشبهة الثالثة: قولهم: الزعم بأن العلماء يخفون الحقائق خوفا من السلطان.
هذا اتهام للنيات، هذا اتهام باطل والعياذ بالله، العلماء يبينون ويوضحون، ولا يخافون في الله لومة لائم، أين الحقائق التي يخفونها؟ هذه النصوص وهذه الأدلة، ما فيه حقائق يخفونها. الحق واضح أبلج، هذا من المصائب في هذا الزمان أنهم يتهمون العلماء، وكذلك أيضا يتدخلون في النيات ويقولون: فلان مقصده كذا، وفلان مقصده كذا، هذا إذا تكلم في الفقه يعني إذا شرح الإنسان بعض الكتب، أحيانا. شرحت أنا نواقض الإسلام فجاء بعض الناس وقال: تقصد كذا، تقصد الدولة الفلانية، تقصد الشخص الفلاني، كيف؟ أنا أشرح الآن أشرح كلام أهل العلم يقولون تقصد شخص في نيتك؛ من قال؟ تعلم الغيب؟ تعلم ماذا أريد؟ نعم تقصد هذا كنت تريده. من قال أني أقصد هذا؟، هات الدليل. نسأل الله السلامة والعافية.
يعني يوجد في هذا الزمن شرور وفتن، تدخل في النيات، يقول: تقصد كذا وتقصد الشخص الفلاني تقصد الحالة الفلانية، تقصد الجهة الفلانية، تقصد المؤسسة الفلانية وما فيه دليل يدل على هذا؛ هذا اتهام والعياذ بالله، مثل هؤلاء يتهمون العلماء والعياذ بالله، هذا من الزيغ، نسأل الله السلامة والعافية.
الواجب على الإنسان أن يحذر، وأن يمسك لسانه، وأن يمسك أيضا قلبه عن الاعتقاد الفاسد؛ يحفظ قلبه من الاعتقاد الفاسد، ويحفظ لسانه من الكلام السيئ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده »16 نعم.
أحسن الله إليكم. وهذه مجموعة من الأسئلة من جمعية الإسلام في فرنسا.
السؤال الأول يقول: يقوم إمام المسجد بترجمة الخطبة التي يلقيها في الخطبة الأولى يوم الجمعة في الخطبة الثانية إلى اللغة الفرنسية حتى يفهم من لا يفهم فهل فعله صحيح؟
إذا كان الذين يستمعون الخطبة كلهم أعاجم لا يفهمون العربية فلا بأس من إلقاء الخطبة بالترجمة، أما إذا كان فيهم عرب وفيهم من يفهم العربية تكون الخطبة بالعربية، والترجمة تكون بعد الصلاة، لا بأس، لكن في الخطبة تكون باللغة العربية؛ ما دام أن فيهم من يفهم العربية، أما إذا كان كلهم لا يفهم العربية فلا بأس أن تترجم؛ لأن المقصود فهمهم وهم لا يفهمون كلهم، أما إذا كان يوجد من يفهم العربية فتكون باللغة العربية، والترجمة بعد ذلك بعد الصلاة. نعم.
سؤالهم الثاني أحسن الله إليكم يقول: ما هو ضابط تسمية البلد بأنه بلد إسلامي؟
هذا فيه اختلاف لأهل العلم، من العلماء قال: إذا كان البلد تعلن فيه شعائر الإسلام، وفيه الأذان والصلاة، تقام شعائر الإسلام يسمى بلدا إسلاميا، ومن العلماء من قال: العبرة بالحكومة، إذا كانت الحكومة تقيم شرع الله، وتحكم بشريعة الله فهو بلد إسلامي. نعم.
سؤالهم الثالث يقول: من هو الذي يتولى إقامة الحدود على المسلمين في بلاد الكفر مثلما هو الحال عندنا في فرنسا إذا كان المسؤول عن المركز الإسلامي من الفرق الضالة؟ وهل يجوز للفرد المسلم أن يقيم الحدود على أهله؟
ليس للإنسان أن يقيم الحد بنفسه، أما على أهله إذا كان على أهله يؤدبهم. الإنسان له أن يؤدب أهله وأولاده فهو له سلطان عليهم، أما غيرهم فليس له أن يقيم الحد، يتصل بالمركز الإسلامي والمركز الإسلامي هو المسؤول؛ ولو كان عندهم بعض البدع، إذا كان المسؤول عن المركز الإسلامي يقيم الحدود، ولا يغير شرع الله؛ ولكن عنده بعض البدع التي لا تخرجه من ملة الإسلام؛ فلا بأس ولو كان عنده بعض البدع، مثل ولي الأمر إذا كان عنده بعض البدع وبعض المعاصي هو الذي يتولى هذا يجب السمع له والطاعة. نعم.
أحسن الله إليكم. يقول هذا سائل من الأردن يقول حفظكم الله: يزعم بعض من يدعي العلم أن اعتبار المصالح والمفاسد من تقديم العقل على الشرع. فهل هذا صحيح؟
تقديم المصالح على المفاسد هذا لا بد أن يكون فيه المصالح والمفاسد لا بد من اعتبار الشرع، ما اعتبره الشرع مصلحة فهو مصلحة، وما اعتبره مفسدة فهو مفسدة. العقل لا يعرف المصالح على استقلاله، ولا يعرف المفاسد، والمراد المصالح التي دل عليها الشرع والعقل من المصالح، كل هذا مربوط بالشرع، المصالح التي اعتبرها الشارع، والمفاسد التي اعتبارها الشارع مفاسد. نعم.
هذا سائل من المغرب يقول: أرجو أن تبينوا لنا كيفية هذا الحديث: « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده »17 إلى آخر الحديث. بارك الله فيكم!
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان »17 فيه أن الحديث دليل على وجوب إنكار المنكر، وأنه على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: تغيير المنكر باليد إذا كان يستطيع إذا كان ولي الأمر إذا كان أمير أو من رجال الحسبة في حدود ما أعطوا من الصلاحيات، وكذلك الإنسان في بيته، إذا كان يقدر على هذا أن يغير المنكر في بيته، إذا كان مثلا خمر يتلف الخمر، إذا كان آلة لهو يتلفها، أما إذا كان لا يستطيع وليس من أهل الاختصاص؛ فإنه ينتقل إلى المرتبة الثانية؛ حيث إنه إذا غير بيده يناله ضرر في بدنه أو أهله أو ماله تسقط هذه المرتبة.
وينتقل إلى المرتبة التي بعدها، وهي التغيير باللسان، بالنصيحة والبيان والإنكار، يبين فيقول: يا هذا اتق الله، هذا منكر، هذا لا يجوز.
فإن كان لا يستطيع التغيير باللسان؛ بحيث إذا غير بلسانه ضرب أو أخذ ماله أو أوذي، ضرر محقق، ليس توهمات، في هذه الحال يسقط عنه الإنكار باللسان وينكر بالقلب، والمعنى أنه يكره هذا المنكر بقلبه، وتظهر علامات الإنكار على قلبه، ولا يجالس أهل المنكر، وإنما يقوم عنهم؛ يقوم ولا يجالسهم، هذه هي المراتب.
والذي لا ينكر بالقلب قال: « وهذا أضعف الإيمان »18 الذي لا ينكر بالقلب معناه مشارك لأهل المعاصي في المعاصي، والذي لا ينكر بقلبه مثلا شرب الخمر؛ الذي لا يشرب الخمر؛ بل لا يكرهه يكون حكمه حكم من يشرب الخمر، آثم، ومن لا يكره الغيبة حكمه حكم أهل الغيبة، وهكذا ومن لا يكره التعامل بالربا يكون حكمه حكم المتعامل بالربا. نعم. أحسن الله إليكم، وأثابكم، ونفعنا بعلمكم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وفق الله الجميع، وثبت الله دينكم، وصلى الله وسلم على رسوله.
1 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:44
2 : سورة الحشر (سورة رقم: 59)؛ آية رقم:7
3 : سورة النور (سورة رقم: 24)؛ آية رقم:63
4 : سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:65
5 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:43
6 : سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:92
7 : سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:103
8 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7352) , ومسلم : الأقضية (1716) , وأبو داود : الأقضية (3574) , وابن ماجه : الأحكام (2314) , وأحمد (4/204).
9 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7352) , ومسلم : الأقضية (1716) , وأبو داود : الأقضية (3574) , وابن ماجه : الأحكام (2314) , وأحمد (2/187).
10 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:43
11 : مسلم : الجهاد والسير (1767) , والترمذي : السير (1607) , وأبو داود : الخراج والإمارة والفيء (3030) , وأحمد (1/29).
12 : أحمد (6/274).
13 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7300) , ومسلم : الحج (1370) , والترمذي : الولاء والهبة (2127) , والنسائي : القسامة (4735) , وأحمد (1/119).
14 : البخاري : الصلاة (357) , ومسلم : صلاة المسافرين وقصرها (336) , وأحمد (6/423) , ومالك : النداء للصلاة (359) , والدارمي : الصلاة (1453).
15 : البخاري : التوحيد (7432) , ومسلم : الزكاة (1064) , والنسائي : الزكاة (2578) , وأبو داود : السنة (4764) , وأحمد (3/68).
16 : البخاري : الإيمان (10) , ومسلم : الإيمان (40) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (4996) , وأبو داود : الجهاد (2481) , وأحمد (2/191) , والدارمي : الرقاق (2716).
17 : مسلم : الإيمان (49) , والترمذي : الفتن (2172) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (5009) , وأبو داود : الصلاة (1140) , وابن ماجه : الفتن (4013) , وأحمد (3/10).
18 : مسلم : الإيمان (49) , والترمذي : الفتن (2172) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (5009) , وأبو داود : الصلاة (1140) , وابن ماجه : إقامة الصلاة والسنة فيها (1275) , وأحمد (3/10).
http://www.taimiah.org/index.aspx?function=item&id=975&node=7849
الثلاثاء أبريل 16, 2024 2:53 pm من طرف ابرار
» وُلِدَ هِلال شَوَّال مِن قَبْل الكُسوف الشَّمسيّ (28 - رمضان) واجتمَعت به الشَّمس وقَد هو هِلالًا ..
الثلاثاء أبريل 16, 2024 2:53 pm من طرف ابرار
» استمر بالمناجاة حتى تشعر بأنّ الله قد رضيَ عنك وغفر لك ..
الثلاثاء أبريل 02, 2024 10:10 am من طرف ابرار
» لا يَقرأ هذا البَيان إلَّا إنسَانٌ يحتَرِم ما يُمليه عَليه عَقله ..
الأحد مارس 31, 2024 9:54 am من طرف ابرار
» كُوكَبُ سَقَر وصَل؛ آيةُ التَّصديقِ للمَهديّ المُنتَظَرِ نَاصِر مُحَمَّد اليَمانيّ .
الإثنين مارس 25, 2024 10:49 am من طرف ابرار
» كَوكَبُ سَقَر يَرفعُ حَرارةَ الأرضِ ويُخِلّ بنِظامِ كافَّةِ كَواكِبِ المَجموعَةِ الشَّمسيَّةِ وتُعاني مِن اقترابه، أفلا تَتَّقون؟!
الإثنين مارس 25, 2024 10:46 am من طرف ابرار
» إعلانُ مَوعِدِ دُخُولِ كَوكَبِ الأرضِ في مناخِ كَوكَبِ سَقَر؛ القَولُ الفَصلُ ومَا هو بالهَزلِ ..
الإثنين مارس 18, 2024 9:55 am من طرف ابرار
» الحُكْمُ مِنَ القُرآن أنَّ الله جَعَلَ غُرَّةَ رَمَضَان لعَامِكم هَذا (1445 هـ) الثُّلاثَاء ..
الإثنين مارس 18, 2024 9:49 am من طرف ابرار
» كَوكَبُ سَقَر يَرفعُ حَرارةَ الأرضِ ويُخِلّ بنِظامِ كافَّةِ كَواكِبِ المَجموعَةِ الشَّمسيَّةِ وتُعاني مِن اقترابه، أفلا تَتَّقون؟!
الإثنين مارس 18, 2024 9:36 am من طرف ابرار
» إعلانُ مَوعِدِ دُخُولِ كَوكَبِ الأرضِ في مناخِ كَوكَبِ سَقَر؛ القَولُ الفَصلُ ومَا هو بالهَزلِ ..
الأربعاء مارس 06, 2024 11:29 am من طرف ابرار